والدليل على أن لما يتحراه المجتهد حقيقة معلومة عند الله عز وجل، هو أشبه الأصول بالحادثة، وأن الله تعالى لو كشف للمجتهد عن الأشبه بالنص (والتوقيف) لكان ذلك المطلوب بالاجتهاد. وإن لم يكلف إصابته: (ما حكى الله تعالى) في قصة داود وسليمان عليهما السلام وتخصيصه سليمان عليه السلام بالفهم، (مع إخباره) بإيتائهما الحكم والعلم، فدل على أن سليمان عليه السلام (قد) أصاب شيئا لم يصبه (داود) عليه السلام.
فثبت أن ما أصابه سليمان كان الأشبه المطلوب (الذي تحرياه) جميعا باجتهادهما، فلولا أن ذلك كذلك كانا متساويين في فهم الحادثة، (وإصابة) الأشبه.
وكذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد)، فلو لم يكن هناك مطلوب له حقيقة يتحراه المجتهدان فربما أصابه أحدهما، وأخطأه الآخر، لما صح معنى الكلام، إذ قد علمنا أنه لم يرد به خطأ الحكم، فثبت أن المراد خطأ المطلوب الذي هو الأشبه، (أو أن يكون المطلوب به وجود الشبه).
وأيضا: فإنه لا يخلو المطلوب بالاجتهاد من أن يكون هو الأشبه، أو أن يكون المطلوب به وجود الشبه بين الحادثة وبين الأصول، وإن لم يكن عند المجتهد أنه أشبه.
وغير جائز أن يكون المطلوب به وجود الشبه، لأنه لو كان كذلك لسقط الاجتهاد، وكان