أحكامه، وأن يكون من عنده بقوله تعالى: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ".
وقول القائلين بتصويب المجتهدين يوجب جواز الاختلاف، وحكم مع ذلك القول ببطلان الظن والحكم بالهوى.
وليس الحكم بالظن واتباع الهوى إلا أن يحكم الحاكم بما يغلب في ظنه ويستولي على رأيه من غير اتباع دليل يوجب له القول به.
الجواب: يقال لهم: أخبرونا عن الاختلاف الذي ذمه الله تعالى، وعاب أهله في هذه الآيات، ونهى عنه، هو الاختلاف في أحكام حوادث الفتيا؟
فإن قالوا: نعم.
قيل لهم: فينبغي أن يكون للصحابة والأئمة الهادية من الصدر الأول الحظ الأوفر من هذا الذم، ومن مواقعة هذا النهي، لكثرته فيما بينهم من مسائل الفتيا.
فإن كانوا كذلك عندكم، فقد صرتم إلى مذهب الطاغين في السلف من سائر فرق الضلالة. وليس هذا قول أحد من الفقهاء.
والكلام على هؤلاء من غير هذا الوجه، لأنه كلام في الأصل، وإنما تكلم ههنا في تعذر المجتهدين من القائلين بالاجتهاد.
فإذا كان المختلفون في مسائل الفقه معذورين ومأجورين، فكيف (يجوز) أن يكونوا رضي الله عنهم من أهل هذه الآيات، فقد وجب باتفاقنا جميعا أن الاختلاف في مسائل الفتيا غير مراد بها، ولا داخل فيها ولو كانت هذه الآيات موجبة لذم الاختلاف عاما، لوجب أن يكون المختلفون عند الفتاوى في تدبير الحروب مستحقين لحكم هذه الآيات مذمومين باختلافهم.
وقد اختلف أبو بكر وعمر رضي الله عنهما عند النبي صلى الله عليه وسلم في شأن أسارى بدر، فلم يجعلهم الله تعالى ولا نبيه صلى الله عليه وسلم من المختلفين الذين شملهم حكم هذه الآيات.