من مائتي، سنة أو أكثر (1) لا وجه له، فإن ادعاء انفتاح باب العلم، سواء كان في زمن السيد فقط أو من قبله ممن هم في زمن الغيبة الصغرى أو الكبرى أو كان في زمن الأئمة عليهم السلام أو كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله لا مستند، له فإنه ما كان أخذ جميع المؤمنين والمسلمين جميع الأحكام من المعصومين عليهم السلام بطريق العلم ممكنا قط.
بل يمكن أن يدعى أن طريق إحراز الاحكام الواقعية في أمثال زماننا من الأزمنة المتأخرة عن زمان الشيخ أبي جعفر الطوسي عليه الرحمة بطرق علمية أو ما هو بحكم العلم - أسهل وأخف من زمن السيد رحمه الله ومن قبله.
فإن الاخبار المروية عن المعصومين عليهم السلام قد حفظت ودونت وصنفت في كتبهم وتصنيفاتهم، بخلاف الزمان الذي كان قبل زمن السيد المرتضى رحمه الله، فإن الاخبار كانت متشتتة ولا سيما قبل تأليف الكافي الذي ألفه محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله المتوفى سنة 328 - 329 ه في مدة عشرين سنة.
ولذا ترى الحسن بن علي بن أبي عقيل ومن كان في عصره من الفقهاء الامامية كثيرا ما يفتون بالعام أو المطلق مع أن له مخصصا أو مقيدا في الاخبار، فإن عذرهم ما ذكرنا من عدم تدوين الاخبار في أمثال زمانه مجتمعة كما جمعت بحمد الله في عصرنا من بعد زمن الشيخ أبي جعفر الطوسي.
فتحصل: أن دعوى الانسداد بعد زمن السيد والانفتاح زمانه أو قبله لا وجه لها، فإن كان منفتحا كان كذلك دائما، وإن كان منسدا كان كذلك من زمن النبي صلى الله عليه وآله، فلا فرق في الانفتاح وعدمه بين الأزمنة.
فالتحقيق أن يقال: إن جميع الأدلة التي أقاموها للحجية ترجع إلى بناء العقلاء، فإن آية النبأ دالة على المنع عن العمل بخبر الفاسق بحيث لو لم تمنع عنه لكان العقلاء عاملين به أيضا.
وكذا آية النفر في مقام بيان وجوب التعلم لا وجوب العمل بقول المتعلم بعد