والسبية بهذا المعنى قد اختارها شيخنا الأنصاري (ره)، وتبعه المحقق النائيني (ره).
وعليه يندفع الاشكال المذكور أيضا، إذ عليه يتدارك ما فات من مصلحة الواقع على ما عرفت، فلا يلزم من التعبد بالظن تفويت المصلحة أو الالقاء في المفسدة، إلا ان السببية بهذا المعنى أيضا مما لا يمكن الالتزام به، لكونه مستلزما لتبدل الحكم الواقعي بنوع من التصويب، إذا لو فرض كون سلوك الامارة مشتملا على مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع الفائتة، لا يعقل تعلق الايجاب بالواقع تعيينا، لكونه ترجيحا بلا مرجح، بل لابد من تعلق الايجاب بالواقع وسلوك الامارة تخييرا، مثلا لو فرض أن مصلحة صلاة الظهر تقوم بأمرين (أحدهما) - نفس صلاة الظهر، و (الآخر) سلوك الامارة الدالة على وجوب صلاة الجمعة لمن لم ينكشف له الخلاف، فامتنع من الشارع الحكيم تخصيص الوجوب الواقعي بخصوص صلاة الظهر، لقبح الترجيح بلا مرجح.
وبعبارة أخرى بعد كون الوجوب تابعا للمصلحة على ما هو مذهب المشهور من العدلية. وكون كل من الامرين مشتملا عليها، تعين على الشارع الحكم بوجوبها تخييرا، فيكون الواجب الواقعي - في حق من قامت عنده الامارة الدالة على وجوب صلاة الجمعة - أحد أمرين على سبيل التخيير: إما صلاة الظهر أو سلوك الأمارة المزبورة، فلا يكون الحكم الواقعي مشتركا بين العالم والجاهل بنحو واحد، بل في حق العالم تعييني، وفي حق الجاهل تخييري.
وهذا نوع من التصويب، ويدل على بطلانه الاجماع والروايات الدالة على اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل وقد تعرضنا لتفصيل ذلك كله في بحث الاجزاء فراجع. ومجمل الكلام في المقام أن الاشكال المنسوب إلى ابن قبة مندفع من أصله على القول: بحجية الامارات من باب السبية بأي معنى من المعاني وأما على القول بالطريقية وأنه ليس في حجية الامارات إلا مصلحة