ولا بأس به بعد عدم إمكان الزائد منه ولا ترجيح للوضوء على التيمم، لان الأصل الجاري في التراب ليس هنا متأخرا عن الأصل الجاري في الماء، لعدم انحصار اثر غصبية التراب في عوم جواز التيمم به. بل يترتب عليها عدم جواز التصرف فيه مطلقا، كما تقدم. وليس المقام من باب التزاحم، فإنه تابع لوجود الملاكين في الطرفين، بخلاف المقام كمالا يخفي.
ومما ذكرناه ظهر حكم صورة ثالثة، وهي العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما أو غصبية الآخر، كما إذا علمنا اجمالا بنجاسة الماء أو غصبية التراب، فيجري الكلام السابق من تساقط الأصول، وتنجيز العلم الاجمالي، ودوران الامر بين المحذورين والاكتفاء بالموافقة الاحتمالية، إلا أنه يجب الوضوء في الفرض المذكور، ولا يجوز التيمم بحكم العقل، إذ في الوضوء احتمال الموافقة مع عدم احتمال الحرمة وعدم احتمال العقاب أصلا، بخلاف التيمم، فان فيه احتمال الموافقة مع احتمال الحرمة من جهة احتمال الغصبية، فتعين الوضوء بحكم العقل.
ولو انعكس الامر انعكس الحكم، اي لو علمنا إجمالا بأن الماء غصب أو التراب بخس، تعين عليه بحكم العقل لعين ما ذكرناه.
(التنبيه الثاني عشر) في حكم ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة. وقبل التكلم فيه لا بد من بيان أمرين: (الأول) - ان الكلام انما هو فيما إذا كانت الملاقاة مختصة ببعض الأطراف، إذ لو فرضنا ان شيئا واحدا لاقى جميع الأطراف فهو معلوم النجاسة تفصيلا وخارج عن محل الكلام. وكذا لو فرضنا شيئين لا قي أحدهما