و (منها) - ما ذكره صاحب الكفاية (ره) في حاشيته على الرسائل وفي الكفاية، وحاصل ما أفاده أنه ان قلنا بأن المجعول في باب الطرق والامارات هو الحجية التي هي عبارة عن المنجزية مع المطابقة، والمعذرية مع المخالفة، ولا تستتبع حكما تكليفيا، فلا يلزم اجتماع حكمين أصلا، لا المثلين ولا الضدين إذا ليس المجعول إلا الحكم الواقعي فقط. وان قلنا بأن الحجية المجعولة للطرق والامارات تستتبع حكما تكليفا، أو أن المجعول حقيقة هو الحكم التكليفي والحجية منتزعة منه، فاجتماع الحكمين وإن كان يلزم، إلا أنه لا يلزم منه اجتماع المثلين أو الضدين. ثم ذكر في وجه ذلك تعبيرات مختلفة، فذكر (تارة) ان الحكم الواقعي شأني والحكم الظاهري فعلي، و (أخرى) ان الحكم الواقعي إنشائي والحكم الظاهري فعلي، و (ثالثة) أن الحكم الواقعي فعلي من بعض الجهات، والحكم الظاهري فعلي من جميع الجهات، والمضادة بين الحكمين إنما هي فيها إذا كان الحكمان كلاهما فعليين من جميع الجهات.
هذا ملخص كلامه ولا يخلو من اجمال: ولا بد لنا من التعرض لكل واحد من محتملاته والجواب عنه، فنقول: أما ما ذكره من أن الحكم الواقعي شأني فان كان مراده من الشأنية مجرد ثبوت المقتضي للحكم الواقعي من دون ان يكون مؤثرا في انشاء الحكم الواقعي مع فرض قيام الامارة على خلافه، ففيه أنه لا يكون حينئذ للجاهل حكم واقعي غير مؤدى الامارة. وهذا هو التصويب المنسوب إلى الأشاعرة. وقد دل الاجماع والروايات على بطلانه، مضافا إلى كونه غير معقول في نفسه لاستلزامه الدور، لان قيام الامارة على حكم فرع ثبوته واقعا، فلو توقف ثبوته واقعا على قيام الامارة عليه لزم الدور. وإن كان مراده أن الحكم الواقعي وإن كان ثابتا للشئ بعنوانه الأولى وبطبعه، إلا أنه لا يمنع من طرو عنوان عرضي يوجب تبدله - وهو قيام الامارة على خلافه