من العلم هو القطع - ولو كان مخالفا للواقع - فلا اشكال في التعبد بالامارة في هذا الفرض أيضا، بل التحقيق ان هذا الفرض داخل في صورة الانسداد موضوعا إذ المراد بالانسداد هو انسداد باب الوصول إلى الواقع، لا انسداد باب القطع ولو كان جهلا مركبا، إذ الجهل المركب كالجهل البسيط لا يؤثر في حسن التعبد بالامارة شيئا. واما إن كان المراد من العلم هو العلم المطابق للواقع بأن يكون المراد من الانفتاح هو انفتاح باب الوصول إلى الواقع، فلا اشكال في التعبد بالأمارة أيضا على القول بالسببية. وتوضيح ذلك أن السببية تتصور على اقسام ثلاثة:
(الأول) - ما هو المنسوب إلى الأشاعرة من أنه ليس في الواقع حكم، مع قطع النظر عن قيام الامارة، بل يكون قيامها سببا لحدوث مصلحة موجبة لجعل الحكم علي طبق الامارة. وعلى القول بالسببية بهذا المعنى يرتفع الاشكال من أصله، إذ عليه لا يكون في الواقع حكم حتى يكون التعبد بالامارة موجبا لفواته على المكلف، ولكن السببية بهذا المعنى غير معقول في نفسه على ما ذكرناه في بحث الاجزاء، لاستلزامه الدور، فان قيام الامارة على الحكم فرع ثبوته واقعا، فكيف يتوقف ثبوته على قيامها؟ هذا مضافا إلى كونه مخالفا للاجماع والروايات الدالة على اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل.
(الثاني) - السببية المنسوبة إلى المعتزلة، وهي ان الحكم الواقعي وان كان متحققا مع قطع النظر عن قيام الامارة، إلا ان قيامها - من قبيل طرو العناوين الثانوية. كالحرج والضرر - موجبة لحدوث مصلحة في المؤدى أقوى من مصلحة الواقع، وإذا انكشف الخلاف كان ذلك من قبيل تبدل الموضوع وعلى هذا القول لا مجال للاشكال المذكور أيضا، إذ مع قيام الامارة على خلاف الحكم الواقعي يكون الحكم الواقعي الأهم هو مؤداها، فلا يلزم تفويت