وفيه ان الوضوء انما يرفع الحدث الأصغر، والجنب والحائض محدثان بالحدث الأكبر، فعدم ارتفاع الحدث فيهما انما هو من جهة عدم قابلية المورد فلا ينتقض بذلك على الارتفاع في مورد قابل، كما هو محل الكلام. ومن ذلك ظهر الجواب عن النقض بالوضوء التجديدي، فهذه الثمرة تامة، ولكنها مبنية على القول بعدم استحباب الوضوء نفسيا، من دون ان يقصد به غاية من الغايات. واما لو قلنا باستحبابه كذلك كما هو الظاهر من الروايات، فلا تتم الثمرة المذكورة، إذ عليه يكون نفس الوضوء مستحبا رافعا للحدث ثبت استحبابه لغاية خاصة أم لم يثبت.
(التنبيه الرابع) قد يتوهم عدم جريان البراءة في الشبهة التحريمية الموضوعية، بدعوى ان الشك فيها ليس شكا في التكليف ليرجع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو إلى حديث الرفع، فان جعل الحكم بنحو الكلي الذي هو وظيفة الشارع معلوم، ووصل إلى المكلف أيضا وانما الشك في مقام الامتثال والتطبيق، فالمتعين هو الرجوع إلي قاعدة الاشتغال، لأن شغل الذمة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية وأورد عليه الشيخ (ره) بما ملخصه ان الأحكام الشرعية مجعولة بنحو القضايا الحقيقية التي يحكم فيها على الافراد المقدر وجودها، فهي تنحل إلى احكام متعددة بتعدد افراد الموضوع، فلكل فرد من افراد الموضوع حكم مستقل، و عليه فلو شك في كون شئ مصداقا للموضوع كان الشك في ثبوت الحكم له، فيكون شكا في التكليف. والمرجع فيه البراءة لا الاشتغال.