ومما ذكرناه ظهر الفرق بين هذا القسم والقسم الأول، فان الشك في التخيير والتعيين في القسم الأول إنما كان ناشئا من الشك في كيفية الجعل والجعل بمقتضي التكليف، وبما يفي بغرض المولى، فلا مانع فيه من الرجوع إلى البراءة عن التكليف الزائد على القدر المتيقن، بخلاف الشك في هذا القسم، فإنه ناشئ من التزاحم وعدم القدرة على الامتثال، بعد العلم بمتعلق التكليف وباشتمال كل من الوجهين على الملاك الملزم، فلا مناص فيه من القول بالاشتغال تحصيلا للفراغ اليقيني والأمن من العقوبة على كل تقدير.
(تنبيهات) (الأول) - انه إذا ثبت كون شئ جزما للمأمور به أو به أو شرطا له في الجملة ودار الامر بين كون الجزئية أو الشرطية مطلقة ليبطل العمل بفقدانه ولو في حال النسيان، أو مختصة بحال الذكر ليختص البطلان بتركه عمدا، فهل القاعدة تقتضي الاطلاق ما لم يثبت التقييد بدليل خاص أو تقتضي الاختصاص بحال الذكر ما لم يثبت الاطلاق بدليل خاص؟ وجهان. وتحقيق ذلك يقتضي البحث عن امكان تكليف الناسي بغير ما نسيه من الاجزاء والشرائط واستحالته، فإذا ثبتت صحة العمل الفاقد لبعض الاجزاء والشرائط نسيانا، كما في الصلاة ان كان المنسى من غير الأركان، فهل يكون الحكم بالصحة لأجل انطباق المأمور به على هذا العمل لاختصاص الجزئية أو الشرطية بحال الذكر أو لوفاء المأتي به بالملاك الملزم وسقوط الامر باستيفاء ملاكه. وهذا البحث وإن تترتب عليه ثمرة في الفرض المذكور اي فيما ثبتت صحة العمل الفاقد بالدليل، إلا أنه يترتب الأثر فيما لم تثبت صحة