فلا ينبغي الاشكال في عدم امكانه، إذ مقتضى حجية الظن هو الانبعاث نحو عمل ومقتضى الحكم المضاد هو الانبعاث نحو ضده، فلا يمكن الجمع بينهما في مقام الامتثال، ومعه لا يصح تعلق الجعل بهما من المولى الحكيم.
هذا مضافا إلى ما ذكرناه في القطع المأخوذ في موضوع الحكم المضاد من لزوم اجتماع الضدين في مقام الجعل، فراجع. و (بالجملة) حكم الظن المعتبر هو حكم القطع في هذه الجهة، فكما لا يمكن ذلك في القطع، لا يمكن في الظن المعتبر أيضا. وإن كان الظن غير معتبر، فالتزم صاحب الكفاية (ره) بامكانه بدعوى ان الظن غير المعتبر في حكم الشك فتكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة، فلا يلزم من جعل الحكم المضاد في فرض الجهل بالواقع اجتماع الضدين، وإلا فلا يمكن الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري في جميع موارد الجهل بالواقع. وعليه فيمكن ان يحكم المولى بوجوب شرب مائع قام على حرمته ظن غير معتبر، لان تعدد المرتبة مانع عن التضاد بين الحكمين.
أقول: إن ما ذكره (قدس سره) وإن كان صحيحا في نفسه، فان جعل الترخيص في موارد الشك في الوجوب أو الحرمة - على ما هو مقتضى أدلة البراءة - مما لا اشكال فيه، مع أنه يحتمل ان يكون الحكم الواقعي هو الوجوب أو الحرمة، إذ لا منافاة بين الترخيص الظاهري في ظرف الجهل والالزام الواقعي، كما هو مذكور في محله. إلا أنه لا ربط له بالمقام، إذا ليس الكلام في إمكان جعل الحكم الظاهري وعدمه، بل البحث انما هو في الحكم الواقعي من حيث إنه يمكن اخذ الظن بحكم في موضوع حكم آخر يضاده أم لا، كما هو الحال في القطع، فان الكلام فيه كان في امكان اخذه في موضوع حكم مضاد لمتعلقه، باعتبار الحكم الواقعي، إذ لا يتصور فيه حكم ظاهري.
والصحيح أن اخذ الظن بحكم - في موضوع حكم آخر مضاد له - غير