ان مفادها وجوب الحذر عند الانذار بلا تقييد بكون المنذر عادلا أو ثقة - فمدفوع بأن الآية الشريفة منزلة على المتعارف بين العرف والعقلاء، وهم لا يعملون بخبر الفاسق الكاذب.
هذا على تقدير كون الآية واردة في مقام جعل حجية الخبر. وأما على تقدير كونها كاشفة عن حجية الخبر قبل نزولها، وأن تفريع وجوب الحذر عند الانذار انما هو من باب التطبيق كما تقدمت الإشارة إليه حين الاستدلال بالآية فالامر واضح، إذ ليس مفادها حينئذ جعل الحجية ليتمسك باطلاقها، بل مفادها كون حجية الخبر مفروغا عنها قبل نزول الآية بمقتضى السيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع، فالمتبع في توسعة موضوع الحجية وضيقه هي السيرة وقد تقدم أن السيرة لم تقم على العمل بخبر الضعيف. نعم الخبر الموجب للوثوق والاطمئنان الشخصي يجب العمل به وإن كان ضعيفا في نفسه. وليس ذلك لأجل حجية الخبر الضعيف، بل لان الاطمئنان المعبر عنه بالعلم العادي حجة وإن كان حاصلا مما لا يكون حجة في نفسه كخبر الفاسق أو خبر الصبي مثلا.
بقى في المقام امر ان لا بد من التعرض لهما: (الامر الأول) - ان الخبر إن كان ضعيفا في نفسه هل ينجبر ضعفه بعمل المشهور أم لا؟ المشهور بين المتأخرين هو ذلك. وذكر المحقق النائيني (ره) في وجه ذلك أن الخبر الضعيف المنجبر بعمل المشهور حجة بمقتضى منطوق آية النبأ، إذ مفاده حجية خبر الفاسق مع التبين، وعمل المشهور من التبين. ووافقناه على ذلك في الدورة السابقة، ولكن التحقيق عدم تمامية الوجه المذكور، إذ التبين عبارة عن الاستيضاح واستكشاف صدق الخبر، وهو (تارة) يكون بالوجدان، كما إذا عثرنا بعد الفحص والنظر على قرينة داخلية أو خارجية موجبة للعلم أو الاطمئنان بصدق الخبر وهذا مما لا كلام في حجيته على ما تقدمت الإشارة إليه. و (أخرى) يكون