وهذا هو الوجه لذكر الشبهة الموضوعية الوجوبية والتحريمية في المقام، فان البحث عنها ليس من مسائل علم الأصول، بل من مسائل الفقه كما هو ظاهر، فذكرها في المقام انما هو لعموم الأدلة لها. واختصاص بعض الأدلة بالشبهة التحريمية لا يوجب تكثير الأقسام وافرادها بالبحث، مع كون الملاك في الجميع واحدا وشمول عمدة الأدلة أيضا للجميع. فالصحيح ما صنعه صاحب الكفاية (ره) من تعميم البحث لمطلق الشك في التكليف الجامع لجميع الأقسام.
ولكن يرد عليه أيضا ان اخراج تعارض النصين على اطلاقه من بحث البراءة مما لا وجه له، لما سنذكره إن شاء الله تعالى في مبحث التعادل والترجيح من أن مقتضى القاعدة في التعارض هو التساقط والرجوع إلى عام فوقهما. ومع عدمه يرجع إلى الأصل العملي، ولا ينحصر التعارض بخصوص الخبرين، بل يمكن وقوعه بين ظاهري الكتاب، ويرجع فيه بعد التساقط إلى الأصل العملي بلا كلام واشكال، بل وكذا الحال ان وقع التعارض بين الخبرين بالعموم من وجه، وكان العموم في كل منهما ناشئا من الاطلاق، فيسقط كلا الاطلاقين لعدم جريان مقدمات الحكمة، ويرجع إلى الأصل العملي، بل وكذا الحال لو كان التعارض بين الخبرين بالتباين أو بالعموم من وجه، مع كون العموم في كل منهما بالوضع مع عدم رجحان أحدهما على الآخر بموافقة الكتاب ولا بمخالفة العامة، فان الخبرين يسقطان عن الحجية، ويرجع إلى الأصل العملي لما سنذكره في بحث التعادل والترجيح من عدم تمامية أدلة التخيير، ولا أدلة الترجيح بغير موافقة الكتاب ومخالفة العامة من المرجحات التي ذكروها في المقام، فان أدلة التخيير وأدلة الترجيح بتلك المرجحات غير تامة من حيث السند أو من حيث الدلالة أو من الجهتين.
نعم إذا وقع التعارض بين الخبرين بالتباين أو بالعموم من وجه، مع كون