وأما الاشكال عليه من ناحية التكليف وأنه موجب لاجتماع المثلين أو الضدين - علي ما تقدم بيانه - فتحقيق الحال في جوابه يحتاج إلى التكلم في مقامين: (المقام الأول) في البحث عما إذا كانت الامارة مطابقة للواقع، ودفع توهم اجتماع المثلين. (المقام الثاني) في البحث عما إذا كانت مخالفة له ودفع توهم اجتماع الضدين.
أما الكلام في المقام الأول فهو انه لا مجال لتوهم اجتماع المثلين على القول بالطريقية أصلا، إذا عليه لا يكون هناك إلا حكم واحد، إنما التعدد في مجرد الانشاء لغرض الوصول إلى المكلف، نظير ما إذا قال المولى لعبده أكرم زيدا فلم يصل إليه أو لم يعرفه، فأشار بيده إليه، وقال أكرم هذا الرجل. ومن الواضح ان الحكم في مثل ذلك واحد، إنما التعدد في إبرازه وانشائه. والمقام من هذا القبيل، فان الحكم واحد ينشئه المولى تارة بعنوانه، ويقول شرب الخمر حرام مثلا، وأخرى بعنوان حجية الامارة، ويقول صدق العادل مثلا. واما على القول بالسببية فلا محالة يكون هناك حكمان، إلا أنه لا يلزم منه اجتماع المثلين، بل يوجب التأكد، إذا النسبة بينهما هي العموم من وجه، باعتبار ان الامارة قد تكون مخالفة للواقع، وقد يكون الحكم الواقعي متحققا بلا قيام امارة عليه، وقد تكون الامارة مطابقة للواقع. وهذا مورد الاجتماع، ويكون الحكم فيه متأكدا، كما هو الحال في سائر موارد اجتماع العنوانين، كما إذا قال المولى أكرم كل عالم، ثم قال أكرم كل هاشمي، فان ملاك الحكم في مورد الاجتماع - وهو عالم هاشمي - أقوى منه في مورد الافتراق فيكون الحكم فيه آكد، فلا يلزم اجتماع المثلين أصلا.
و (أما المقام الثاني) وهو ما إذا كانت الامارة مخالفة للواقع، فقد أجيب عن توهم اجتماع الضدين بوجوه: (منها) - ما ذكره شيخنا الأنصاري