الروايات غير لازم إذ منها ما هو صحيح من حيث السند فراجع إنما المهم هو البحث عما يستفاد منها فيقع الكلام في جهات:
(الجهة الأولى) في مفادها و المحتمل فيه وجوه ثلاثة: (الوجه الأول) أن يكون مفادها الارشاد إلى حكم العقل بحسن الانقياد، وترتب الثواب على الاتيان بالعمل الذي بلغ عليه الثواب وان لم يكن الامر كما بلغه. (الوجه الثاني) أن يكون مفادها اسقاط شرائط حجية الخبر في باب المستحبات، وأنه لا يعتبر فيها ما اعتبر في الخبر القائم على وجوب شئ من العدالة والوثاقة. (الوجه الثالث) أن يكون مفادها استحباب العمل بالعنوان الثانوي الطارئ، أعني به عنوان بلوغ الثواب عليه، فيكون عنوان البلوغ من قبيل سائر العناوين الطارئة على الافعال الموجبة لحسنها وقبحها ولتغير أحكامها، كعنوان الضرر والعسر والنذر وأمر الوالد ونحوها.
هذه هي الوجوه المحتملة بدوا في تلك الأخبار، والمناسب لما اشتهر بين الفقهاء من قاعدة التسامح في أدلة السنن هو الاحتمال الثاني كما ترى، ولكنه بعيد عن ظاهر الروايات غاية البعد، لأن لسان الحجية انما هو الغاء احتمال الخلاف والبناء على أن مؤدى الطريق هو الواقع كما في أدلة الطرق والامارات، لا فرض عدم ثبوت المؤدى في الواقع، كما هو لسان هذه الأخبار. فهو غير مناسب لبيان حجية الخبر الضعيف في باب المستحبات ولا أقل من عدم دلالتها عليها، وكذا الاحتمال الثالث، إذ لا دلالة بل لا إشعار للأخبار المذكورة على أن عنوان البلوغ مما يوجب حدوث مصلحة في العمل بها يصير مستحبا، فالمتعين هو الاحتمال الأول، فان مفادها مجرد الاخبار عن فضل (الله تعالى) وأنه سبحانه بفضله ورحمته يعطي الثواب الذي بلغ العامل، وإن كان غير مطابق للواقع، فهي - كما ترى - غير ناظرة إلى العمل، وأنه يصير مستحبا لأجل طرو عنوان البلوغ، ولا إلى إسقاط شرائط