الممضاة عند الشارع، ولا يرد عليها شئ من الاشكال، إلا توهم أن الآيات الناهية عن العمل بغير العلم رادعة عن هذه السيرة، وقد أفاد في الكفاية متنا وهامشا في دفع هذا التوهم وجوها:
(الوجه الأول) - ما ذكره في المتن، وهو ان كون الآيات رادعة عن السيرة متوقف على عدم كون السيرة مخصصة لها، وإلا فلا تشملها، وعدم كونها مخصصة لها متوقف على كونها رادعة عنها، فكون الآيات رادعة عن السيرة مستلزم للدور. ثم أورد على نفسه بان إثبات حجية الخبر بالسيرة أيضا دوري، لأنه متوقف على عدم كون الآيات رادعة عنها، وهو متوقف على كون السيرة مخصصة لها، وهو متوقف علي عدم كون الآيات رادعة عنها.
وأجاب عنه بأن كون السيرة مخصصة للآيات غير متوقف على عدم الردع واقعا بل على عدم ثبوت الردع فلا دور في تخصيص الآيات بالسيرة، بخلاف العكس، فان كون الآيات رادعة متوقف على عدم كون السيرة مخصصة لها واقعا.
(الوجه الثاني) - ما ذكره في الهامش، وحاصله انه على تقدير الالتزام بعدم صلاحية كل من الآيات والسيرة لرفع اليد به عن الآخر للزوم الدور، تصل النوبة إلى الأصل العملي، والمرجع هو استصحاب الحجية الثابتة قبل نزول الآيات (الوجه الثالث) ما ذكره في الهامش أيضا وهو ان نسبة السيرة إلى الآيات هي نسبة الخاص المتقدم إلي العام المتأخر في أن الأمر دائر بين أن يكون الخاص مخصصا للعام، وأن يكون العام ناسخا للخاص، وقد ذكرنا في مبحث العموم والخصوص ان المتعين هو الأول، لان الخاص المتقدم قرينة على المراد من العام. وتأخير البيان عن وقت الحاجة بلا مصلحة ملزمة وان كان قبيحا، إلا ان تقديمه على وقت الحاجة مما لا قبح فيه أصلا. والمقام من صغريات هذه الكبرى، فلا بد من الالتزام يكون السيرة مخصصة للعمومات. هذا ملخص