أصلا. نعم في حديث السفرة المطروحة في الفلاة وفيها اللحم امر الإمام (ع) بان يقوم اللحم ويؤكل، فقال الراوي انه لا يدرى أمالكه مسلم أو كافر، ولعل اللحم من غير مذكى، قال (ع) (هم في سعة حتى يعلموا) ومورد هذه الرواية خصوص اللحم، وحكمه (ع) بالإباحة انما هو من جهة كونه في ارض المسلمين فهي امارة على التذكية، والا كان مقتضى أصالة عدم التذكية حرمة اكله.
و (بالجملة) مورد هذه الرواية هي الشبهة الموضوعية القائمة فيها الامارة على الحلية، فهي أجنبية عن المقام.
ومن جملة الروايات التي استدل بها للمقام قوله (ع) (كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي) وهذه الرواية وان كانت مختصة بالشبهة التحريمية، إلا أنه لا باس بالاستدلال بها من هذه الجهة: فان عمدة الخلاف بين الأصوليين والأخباريين إنما هي في الشبهة التحريمية. واما الشبهة الوجوبية فوافق الأخباريون الأصوليين في عدم وجوب الاحتياط فيها، إلا القليل منهم، كالمحدث الاسترآبادي، فإنه المتفرد من بين الأخباريين بوجوب الاحتياط فيها أيضا، بل اختصاص هذه الرواية بالشبهة التحريمية موجب لرجحانها على سائر روايات البراءة، باعتبار انها أخص من اخبار الاحتياط، فلا ينبغي الشك في تقدمها عليها. ولذا ذكر شيخنا الأنصاري (ره) انها أظهر روايات الباب.
ولكن صاحب الكفاية (ره) والمحقق النائيني (ره) لم يرتضيا الاستدلال بها للمقام، وذكر كل منهما وجها لذلك غير ما ذكره الآخر. اما صاحب الكفاية (ره) فذكر انه يحتمل ان يكون المراد من الورود الذي جعل غاية للاطلاق هو صدور الحكم من المولى وجعله، لا وصوله إلى المكلف، فيكون مفاد الرواية ان كل شئ لم يصدر فيه نهى، ولم تجعل فيه الحرمة فهو مطلق.
وهذا خارج عن محل الكلام، فان الكلام فيما إذا شك في صدور النهي من المولى