المصلحة أو الالقاء في المفسدة، إلا ان السبية بهذا المعنى وان كانت أمرا معقولا في نفسه، وليست كالسببية بالمعنى الأول، ولكنها أيضا باطلة، بمقتضى الاجماع والروايات الدالة على اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل، وان الواقع لا يتغير عما هو عليه بقيام الامارة.
(الثالث) - السببية بمعنى المصلحة السلوكية، والمراد بها ان في تطبيق العمل على الامارة والسلوك على طبقها مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع على تقدير مخالفتها له، وحيث إن المصلحة السلوكية تابعة للسلوك على طبق الامارة، فهي تتفاوت بتفاوت مقدار السلوك قلة وكثرة، فإذا فرض قيامها على وجوب صلاة الجملة مثلا، وعمل بها المكلف، فانكشف خلافها قبل خروج الوقت، وان الواجب في يوم الجمعة هو صلاة الظهر، ولا يتدارك بالامارة القائمة على وجوب صلاة الجمعة الا المصلحة الفائتة بالعمل بها، وهي مصلحة وقت الفضيلة. واما مصلحة أصل صلاة الظهر أو مصلحة إتيانها في الوقت فلا يتدارك بها، لعدم فواتهما بسبب السلوك على طبق الأمارة. لتمكن المكلف من اتيانها في الوقت، بعد انكشاف خلاف الأمارة، ولو فرض انكشاف الخلاف بعد خروج الوقت، فيتدارك بها مصلحة الصلاة في الوقت، دون مصلحة أصل الصلاة، لتمكن المكلف من تداركها بعد خروج الوقت بالقضاء، نعم لو لم ينكشف الخلاف أصلا لا في الوقت ولا في خارجه، يتدارك بها مصلحة أصل الصلاة أيضا الفائتة بسبب العمل بالامارة. هذا إذا كان الترك مستندا إلى العمل بالأمارة، وأما إذا لم يكن الترك مستندا إليه، كما إذا ترك صلاة الظهر في مفروض المثال، بعد انكشاف الخلاف، فلم يتدارك المصلحة الفائتة حينئذ إذ طغيانه كان مفوتا لمصلحة الواقع لا السلوك على طبق الامارة ليتدارك به ما فات من مصلحة الواقع، والمفروض ان المصلحة إنما هي في السلوك فتدور مداره،