الطريقية لزم الغاء اعتبار القطع رأسا، كما في العلم المأخوذ في ركعات صلاة المغرب والصبح والركعتين الأوليين من الصلوات الرباعية، فان العلم مأخوذ فيها بنحو الطريقية، ولا يقوم مقامه الاستصحاب، أي استصحاب عدم الاتيان بالأكثر المعبر عنه بالبناء على الأقل. والوجه في ذلك أن الاستصحاب جار في جميع موارد الشك المتعلق بركعات صلاة المغرب والصبح و الأوليين من الصلوات الرباعية، فلو بني على قيام الاستصحاب مقام العلم المأخوذ في الموضوع، لزم ان يكون اعتبار العلم لغوا، ولزوم إلغاء الأدلة الدالة على اعتبار العلم.
وأما الأصول غير المحرزة التي ليس لها نظر إلى الواقع، بل هي وظائف عملية للجاهل بالواقع، كالاحتياط الشرعي والعقلي والبراءة العقلية والشرعية فعدم قيامها مقام القطع الطريقي والموضوعي واضح، لأنها لا تكون محرزة للواقع لا بالوجدان ولا بالتعبد الشرعي.
توضيح ذلك أن الاحتياط العقلي عبارة عن حكم العقل بتنجز الواقع على المكلف وحسن عقابه على مخالفته، كما في موارد العلم الاجمالي والشبهة الحكمية قبل الفحص، والبراءة العقلية عبارة عن حكم العقل بعدم صحة العقاب، وكون المكلف معذورا في مخالفة الواقع لعدم وصوله إليه، ولا معنى لقيامها مقام القطع، إذا لابد في التنزيل وقيام شئ مقام شئ آخر من وجه التنزيل اي الأثر الذي يكون التنزيل بلحاظه، وهو المصحح للتنزيل، وفي المقام أثر القطع هو التنجز والمعذورية فإذا قام شئ مقامه كان بلحاظ لا محالة. واما نفس التنجز والمعذورية فلا يعقل قيامها مقام القطع، وليس الاحتياط والبراءة العقليين إلا التنجز والتعذر بحكم العقل، فكيف يقومان مقام القطع؟
وكذا الحال في الاحتياط والبراءة الشرعيين، فان الاحتياط الشرعي