دفع الضرر المحتمل ان كان أخرويا، فلا دلالة لها على عدم حجية الخبر أصلا.
و (ثانيا) - انه على تقدير تسليم ان مفادها الحكم المولوي، وهو حرمة العمل بالظن كانت أدلة حجية الخبر حاكمة على تلك الآيات، فان مفادها جعل الخبر طريقا بتتميم الكشف، فيكون خبر الثقة علما بالتعبد الشرعي، ويكون خارجا عن الآيات الناهية عن العمل بغير العلم موضوعا.
هذا بناء على أن المجعول في باب الطرق والامارات هي الطريقية كما هو الصحيح، وقد تقدم الكلام فيه في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري. واما بناء على أن المجعول هو الحكم الظاهري مطابقا لمؤدى الامارة، وان الشارع لم يعتبر الامارة علما، فتكون أدلة حجية خبر الثقة مخصصة للآيات الناهية عن العمل بغير العلم، فان النسبة بينها وبين الآيات هي العموم المطلق، إذ مفاد الآيات عدم حجية غير العلم من خبر الثقة وغيره في أصول الدين وفروعه، فتكون أدلة حجية خبر الثقة أخص منها، وبالجملة أدلة حجية خبر الثقة متقدمة على الآيات الشريفة اما بالحكومة أو بالتخصيص.
واستدل القائلون بحجية الخبر أيضا بأمور:
(الأول) - آية النبأ وهي قوله تعالي: (إن جاء كم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وتقريب الاستدلال بها من وجوه:
(الوجه الأول) - الاستدلال بمفهوم الوصف باعتبار انه تعالى أوجب التبين عن خبر الفاسق، ومن الواضح أن التبين ليس واجبا نفسيا، بل هو شرط لجواز العمل به، إذ التبين عنه بلا تعلقه بعمل من الأعمال ليس بواجب يقينا، بل لعله حرام، فان التفحص عن كونه صادقا أو كاذبا يكون من باب التفحص عن عيوب الناس، ويدل على كون الوجوب شرطيا - مع وضوحه في نفسه - التعليل