في الاناء الآخر الذي فيه مائع مضاف، فان اثر النجاسة في كلا الطرفين هو حرمة الشرب. وهذا هو الأثر المشترك فيه لكن الماء المطلق يختص بأثر آخر وهو عدم جواز التوضي به على تقدير وقوع النجاسة فيه، فلو كانت النجاسة واقعة في المائع المضاف لا يترتب عليه الا حرمة شربه. واما لو كانت واقعة في المطلق ترتب عليه حرمة الشرب وعدم جواز التوضي به، ففي تنجيز هذا العلم الاجمالي من حيث جميع الآثار أو من حيث الأثر المشترك فيه فقط وجهان:
ذهب المحقق النائيني (ره) إلى الثاني، بدعوى أن الأصل في كل طرف يتعارض بمثله في الطرف الآخر بالنسبة إلى الأثر المشترك فيه، فيسقط في كل من الطرفين فيكون العلم الاجمالي منجزا بالنسبة إليه. واما بالنسبة إلى الأثر المختص ببعض الأطراف، فيجري فيه الأصل بلا معارض، ففي المثال المتقدم لا يجوز شرب المائع المضاف ولا شرب الماء المطلق، ولكن لا مانع من التوضي به.
والتحقيق أن العلم الاجمالي منجز بالنسبة إلى جميع الآثار، وذلك لأن جواز التوضي به متفرع على جريان قاعدة الطهارة فيه، فإذا فرض عدم جريانها للمعارضة، فلا طريق للحكم بطهارته كي يجوز التوضي به فان نفس احتمال نجاسة الماء مانع عن التوضي به لو لم يكن ما يوجب الحكم بطهارته ظاهرا.
هذا كله في فرض تعدد الموضوع وتحقق العلم الاجمالي بثبوت حكم واحد لموضوع واحد، أو ثبوت حكمين لموضوع آخر، كما في المثال المتقدم.
وأما لو كان الموضوع واحدا، وكان الترديد في السبب الذي تعلق به العلم الاجمالي. كما لو علم إجمالا بأنه استدان من عمرو عشرة دراهم، أو انه أتلف من ما له ما يساوى عشرين درهما، ففي مثل ذلك يكون القدر المشترك معلوم التحقق، والزائد مشكوك الحدوث، فيرجع فيه إلى الأصل، إذ الترديد في السبب لا ينافي انحلال الحكم المسبب إلى المتيقن