الأجلاء من العلماء إلى أن الحكم الظاهري هو وجوب الاحتياط.
(الرابع) من الوجوه التي استدل بها على البراءة هو حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان. وتحقيق الحال في هذا الاستدلال يقتضي التكلم في جهات ثلاث:
(الجهة الأولى) - في تمامية قاعدة قبح العقاب بلا بيان وعدمها في نفسها (الجهة الثانية) - في ملاحظها مع قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.
(الجهة الثالثة) - في لحاظها مع أدلة وجوب الاحتياط على تقدير تماميتها (اما الجهة الأولى) فلا ينبغي الشك في تمامية قبح العقاب بلا بيان، على القول بالتحسين والتقبيح العقليين، كما عليه العدلية والمعتزلة، فإنه من الواضح أن الانبعاث نحو عمل أو الانزجار عنه إنما هو من آثار التكليف الواصل، وما يكون محركا للعبد نحو عمل أو زاجرا له عنه انما هو العلم بالتكليف لا وجوده الواقعي، فإذا لم يكن التكليف واصلا إلى العبد كان العقاب على مخالفته قبيحا عقلا، إذ فوت غرض المولى ليس مستندا إلى تقصير من العبد، بل إلى عدم تمامية البيان من قبل المولى، فنفس قاعدة قبح العقاب بلا بيان تامة بلا شبهة وإشكال، ومسلمة عند الأصولي والأخباري.
و (أما الجهة الثانية) فالمشهور بينهم - كما ذكره صاحب الكفاية (ره) - ان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ترفع موضوع حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل، إذ مع حكم العقل بقبح العقاب مع عدم وصول التكليف إلى العبد، لا يبقى احتمال الضرر ليجب دفعه بحكم العقل.
واشكل عليه بامكان العكس بأن تكون قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل رافعة لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان، إذ مع حكم العقل بوجوب التحفظ على الحكم الواقعي حذرا من الوقوع في الضرر المحتمل، كان هذا بيانا،