و (أما الوجه الرابع) ففيه أن عمل المجمعين ليس مستندا إلى حجية خبر الواحد، لان عمل جملة منهم وإن كان مبنيا عليها، إلا أن عمل جملة أخرى منهم مبني على كون ما بأيدينا من الاخبار مقطوع الصدور، وعمل بعض آخر منهم مبني على كون ما في الكتب الأربعة مقطوع الصدور. وقد ادعى بعضهم كون الاخبار الموجودة في الكافي مقطوعة الصدور. فلا يكون هناك إجماع عملي على حجية خبر الواحد ليكون كاشفا عن رضا المعصوم عليه السلام.
و (أما الوجه الخامس) ففيه أن عمل المتشرعة من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) والتابعين بخبر الثقة وإن كان غير قابل للانكار، إذ من المقطوع به أن جميع المكلفين في عصر النبي والأئمة (عليه وعليهم السلام) لم يأخذوا الاحكام من نفس النبي صل الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام بلا واسطة شخص آخر، ولا سيما النساء بل لم يتمكنوا من ذلك في جميع أوقات الاحتياج، ولا سيما أهل البوادي والقرى والبلدان البعيدة، فان كل واحد من المكلفين لا يتمكن من الوصول إلى المعصوم عليه السلام في كل وقت من أوقات الحاجة إلى السؤال، بل كانوا يرجعون إلى الثقات يأخذون الاحكام منهم وهذا كله ظاهر، إلا أنه لا يكشف عن كون الخبر حجة تعبدية، لأن عمل المتشرعة بخبر الثقة لم يكن بما هم متشرعة، بل بما هم عقلاء فان سيرة العقلاء قد استقرت على العمل بخبر الثقة في جميع أمورهم، ولم يردع عنها الشارع، فإنه لو ردع عن العمل بخبر الثقة لوصل إلينا، كما وصل منعه عن العمل بالقياس، مع أن العامل بالقياس أقل من العامل بخبر الثقة بكثير، وقد بلغت الروايات المانعة عن العمل بالقياس إلى خمسمائة رواية تقريبا، ولم تصل في المنع عن العمل بخبر الثقة رواية واحدة، فيستكشف من ذلك كشفا قطعيا ان الشارع قد أمضى سيرة العقلاء في العمل بخبر الثقة.
فتحصل مما ذكرناه أن العمدة في دليل حجية الخبر هي سيرة العقلاء