فرع انحصار العلة، وهو لا يستفاد من التعليل ولا ربط له بعموم التعليل، فان التعدي إلى غير الخمر من المسكرات، والحكم بحرمتها لعموم التعليل لا يوجب الحكم بحلية كل ما ليس بمسكر، بل قد يكون الشئ حراما مع عدم كونه مسكرا كما إذا كان نجسا أو كان مال الغير مثلا. فالحكم بوجوب التبين - في كل ما كان العمل به سفاهة لعموم التعليل - لا يدل على عدم وجوب التبين في كل ما ليس العمل به سفاهة، بل يمكن ان يكون التبين فيه واجبا مع عدم كون العمل به سفاهة. فتحصل ان الشهرة الفتوائية مما لم يقم دليل على حجيتها.
(المبحث الخامس في حجية خبر الواحد) وليعلم أن هذا البحث من أهم المسائل الأصولية، إذ العلم الضروري بالأحكام الشرعية غير حاصل، إلا في الاحكام الكلية الاجمالية، كوجوب الصلاة والصوم وأمثالهما، والعلم غير الضروري بالأحكام - كالعلم الحاصل من الخبر المقطوع صدوره للتواتر أو للقرينة القطعية - قليل جدا، فغالب الاحكام واجزاء العبادات وشرائطها انما يثبت بأخبار الآحاد، فالبحث عن حجيتها من أهم المسائل الأصولية، وباثباتها ينفتح باب العلمي في الأحكام الشرعية، وينسد باب الانسداد، وبعدمها ينسد باب العلمي وينفتح باب الانسداد. وبعد وضوح ان هذا البحث من أهم المسائل الأصولية، فالاشكال في كونه منها - نظرا إلى كون موضوع علم الأصول هي الأدلة الأربعة في الحقيقة - إشكال على حصر موضوع علم الأصول فيها، فلا بد من الالتزام بأن موضوع علم الأصول امر جامع لجميع موضوعات مسائله، لا خصوص الأدلة الأربعة، لأنه لم يدل عليه