هذا كله في جواز الاحتياط مع التمكن من الظن الخاص. وأما إذا لم يتمكن منه ودار الامر بين الاحتياط والعمل بالظن الانسدادي المعبر عنه بالظن المطلق فهل يجوز الاكتفاء بالامتثال الاجمالي أو يتعين عليه الامتثال التفصيلي الظني؟
ولا يخفى ان هذا البحث إنما هو علي تقدير عدم جواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال بالعلم التفصيلي، أو التمكن من الامتثال بالظن الخاص، فعلى هذا التقدير يقع الكلام في أن الظن المطلق كالظن الخاص في عدم جواز الاحتياط مع التمكن منه أولا؟ وأما على تقدير الالتزام بجواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال بالعلم التفصيلي أو بالظن الخاص، فلا يبقى مجال للبحث عن جواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال بالظن المطلق، إذ الظن المطلق لا يكون أرقى من العلم الوجداني والظن الخاص يقينا.
إذا عرفت ذلك فنقول ظاهر كلام الشيخ (ره) جواز الاحتياط والاكتفاء بالامتثال الاجمالي، حتى أنه تعجب ممن يعمل بالطرق والامارات من باب الظن المطلق، ثم يذهب إلى تقديم الامتثال الظني على الاحتياط.
والتحقيق في المقام هو التفصيل بين الكشف والحكومة، إذ القول بالكشف مبني على بطلان الاحتياط وكونه غير مرضي عند الشارع، إما للاجماع أو لكونه منافيا لقصد الوجه المعتبر في العبادات، فإنه بعد الالتزام ببطلان الاحتياط وتمامية سائر المقدمات يستكشف ان الشارع قد جعل لنا حجة في تعيين احكامه، ثم العقل يعين تلك الحجة بالسبر والتقسيم في الظن، لكونه أقرب إلى الواقع من الشك والوهم وعليه فلا مجال للاحتياط مع التمكن من الامتثال بالظن المطلق، إذ قد اخذ في مقدمات الظن بطلان الاحتياط على الفرض، وإلا لا يستكشف كون الظن حجة شرعية لاحتمال اكتفاء الشارع بما يحكم به العقل من وجوب الاحتياط. مع العلم الاجمالي بالواجبات والمحرمات. هذا بخلاف