الجعل بها، فلا يكون الظن بنفسه حجة، بلا فرق في ذلك بين الثبوت والسقوط فكما لا حجية للظن في ثبوت التكليف وتجري معه البراءة، كذلك لا حجية له في سقوط التكليف بعد ثبوته، وتجري معه قاعدة الاشتغال.
هذا ونسب صاحب الكفاية (ره) إلى بعض المحققين القول بكفاية الظن في سقوط التكليف، ثم وجهه بقوله: ولعله لأجل عدم لزوم دفع الضرر المتحمل أقول: كيف يمكن الالتزام بكفاية الظن في سقوط التكليف مع عدم كونه حجة من قبل المولى؟ وكيف يكون العبد معذورا في ترك الامتثال بعد ثبوت التكليف على تقدير مخالفة ظنه للواقع؟ ولم يلتزم بها أحد من العلماء فيما نعلم، بل لا نظن أن يلتزم بها عالم. وأما ما ذكره صاحب الكفاية من التوجيه فهو أجنبي عن المقام، إذ الخلاف في لزوم دفع الضرر المحتمل وعدمه إنما هو في الضرر الدنيوي لا في الضرر الأخروي، فإنه لم يخالف أحد في لزوم دفع الضرر المحتمل الأخروي مع تنجز التكليف. الا ترى انه ليس في كل واحد من أطراف العلم الاجمالي وفي الشبهة الحكمية قبل الفحص الا احتمال الضرر، ومع ذلك أوجبوا الاحتياط في الأول والفحص في الثاني. وليس ذلك إلا لوجوب دفع الضرر المتحمل. هذا مضافا إلى أن الالتزام بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل - ولو كان أخرويا - يستلزم الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي أيضا، وهو واضح الفساد بل ضروري البطلان.
فتحصل ان الظن ليس حجة في نفسه، بلا فرق بين مقام الثبوت ومقام السقوط. وان حجيته منحصرة بالجعل الشرعي.
(الجهة الثانية) - في إمكان التعبد بالظن. وليعلم أنه ليس المراد بالامكان في المقام هو الاحتمال، كما هو المراد في قولهم (كل ما قرع سمعك فذره في بقعة الامكان ما لم يذدك عنه ساطع البرهان) لوضوح أن الاحتمال أمر تكويني غير قابل