فله ان يفعل وان يترك بمقتضى حجية الامارة، وله ان يحتاط، إذ حسن الاحتياط مما لا مجال لانكاره ولو مع قيام الأمارة على الترخيص، فان موضوع الاحتياط هو احتمال التكليف، وهو موجود بالوجدان.
وبالجملة بعد فرض عدم تمكن المكلف من الوصول إلى الواقع يدور الأمر بين ان يتركه المولى وعقله المستقل في الترخيص، أو يجعل له طريقا يوصله إلى الواقع غالبا. لا ينبغي الشك في أن الثاني هو المتعين، ومخالفة الأمارة للواقع أحيانا مما لا محذور فيه، بعد عدم تنجز الواقع على المكلف، وكونه مرخصا في الفعل والترك بمقتضى حكم العقل، فلا يستند فوات المصلحة أو الوقوع في المفسدة إلى التعبد بالامارة.
و (أما الصورة الثالثة) وهي ما إذا دلت الامارة على وجوب ما كان حراما في الواقع، أو على حرمة ما كان واجبا في الواقع، فالتعبد بالامارة فيها وإن كان مستلزما لتفويت المصلحة أو الالقاء في المفسدة في بعض الموارد، إلا أنه لا قبح فيه لو يرى المولى العالم كونها غالبة المطابقة للواقع. وبعبارة أخرى الأمر دائر بين عدم جعل الامارة حجة فيختار المكلف ما يشاء من الفعل والترك والمفروض عدم إمكان الاحتياط، وبين جعل الامارة حجة فيفعل المكلف ما دلت الامارة على وجوبه، ويترك ما دلت على حرمته، ولو يرى المولى العالم بالحقائق ان تفويت الملاك الواقعي في الصورة الأولي أكثر من الصورة الثانية تعين عليه جعل عليه جعل الامارة حجة وإن استلزم العمل بها فوت الملاك الواقعي أحيانا والطريقة العقلائية أيضا كذلك كما نرى ان سيرة العقلاء جرت على الرجوع إلى الأطباء مع ما يرون من الخطأ الصادر منهم الموجب للهلاك أحيانا، وليس الرجوع إليهم الا لغلبة مصادفة معالجتهم للواقع.
هذا كله على تقدير انسداد باب العلم. واما مع الانفتاح، فان كان المراد