(المبحث الثاني) (في حجية قول اللغوي) قد ذكرنا انه إذا علم ظاهر الكلام يؤخذ به لبناء العقلاء على الاخذ به.
وأما إذا لم يعلم ذلك، فهل يصح الرجوع إلى اللغوي في تعيين الظاهر بلا اعتبار ما يعتبر في الشهادة من التعدد والعدالة أم لا؟ فيه خلاف بينهم، واستدل القائل بحجية قول اللغوي بوجوه:
(الوجه الأول) - أن اللغوي من أهل الخبرة في تعيين الأوضاع وظواهر الألفاظ، وقد تحقق البناء من العقلاء على الرجوع إلى أهل الخيرة في كل فن، بلا اعتبار التعدد والعدالة، كالرجوع إلى المهندس في تقويم الدار مثلا والى الطبيب في تشخيص المرض وعلاجه، ولم يثبت ردع شرعي عن ذلك. واما اعتبار العدالة في الفقيه فإنما هو لدليل خاص. وفيه (أولا) - أن الرجوع إلى أهل الخبرة إنما هو في الأمور الحدسية التي تحتاج إلى إعمال النظر والرأي، لا في الأمور الحسية التي لا دخل للنظر والرأي فيها. وتعيين معاني الألفاظ داخلا من قبيل لأمور الحسية لأن اللغوي ينقلها على ما وجده في الاستعمالات والمحاورات، وليس له إعمال النظر والرأي فيها، فيكون إخبار اللغوي عن معاني الألفاظ داخلا في الشهادة المعتبرة فيها العدالة بل التعدد في مورد القضاء. وأما في غيره ففي اعتباره خلاف مذكور في محله. وإن شئت قلت: ليس اللغوي من أهل الخبرة بالنسبة إلى تعيين ظواهر الألفاظ بالوضع أو بالقرينة العامة، بل هو من أهل