الوجداني. ولا فرق بينهما إلا في أنه مع العلم الوجداني بالواقع لم يبق مجال للاحتياط، إذ العلم الوجداني لا يجتمع مع احتمال الخلاف حتى يحتاط، بخلاف الظن المعتبر، فإنه لا ينافي احتمال الخلاف، ومعه لا مانع من الاحتياط بل يكون الاحتياط في مثل هذه الموارد مما لم يلزمه الشارع بادراك الواقع من أرقى مراتب العبودية والانقياد. نعم وقع الكلام بين الاعلام في جواز تقديم المحتمل علي المظنون في صورة الاحتياط، فقد يقال بعدم جوازه واختاره المحقق النائيني (ره) جريا على مبناه من كون الامتثال الاحتمالي في طول الامتثال اليقيني وذكر المحقق النائيني (ره) ان هذا - أي عدم جواز تقديم المحتمل على المظنون - هو الوجه في الخلاف الواقع بين شيخنا الأنصاري (ره) والسيد الشيرازي الكبير (قده) في دوران الأمر بين القصر والتمام لمن سافر إلي أربعة فراسخ، ولم يرد الرجوع في يومه، فاختار الشيخ (ره) تقديم التمام على القصر عند الاحتياط، واختار السيد (ره) تقديم القصر على التمام، فهما بعد الاتفاق علي الكبرى - وهي لزوم تقديم المظنون علي المحتمل عند الاحتياط - اختلفا في الصغرى فاستظهر الشيخ (ره) من الأدلة وجوب التمام، فاختار تقديمه على القصر عند الاحتياط واستظهر السيد (ره) منها وجوب القصر فقال بتقديمه على التمام.
هذا والصحيح عدم لزوم تقديم المظنون على المحتمل، ولو قلنا بأن الامتثال الاحتمالي في طول الامتثال اليقيني، وان العقل يحكم بأنه من التمكن لا بد من أن يكون الانبعاث عن البعث الجزمي، لا عن البعث الاحتمالي. وذلك لان الاتيان بالمظنون يكون بداعي الأمر الجزمي الثابت باليقين التعبدي، سواء قدم على المحتمل أو اخر عنه، والآتيان بالمحتمل يكون بداعي احتمال البعث، بلا فرق بين التقديم والتأخير، فالكبرى الكلية المذكورة في كلام المحقق النائيني (ره) على تقدير تسليمها لا تنطبق على المقام، ولا تفيد لزوم تقديم المظنون على المحتمل.