الضرر والحرج. ولا يمكن تصحيح الطهارة المائية على القول بحرمة الاضرار بالنفس، سواء قلنا بسراية الحرمة من المسبب - وهو الاضرار - إلى السبب - وهو الطهارة المائية - أم لم نقل بها، (اما على الأول) فواضح، لكون الطهارة المائية حينئذ محرمة لا يمكن التقرب بها.
و (أما على الثاني) فلان حرمة المعلول وان لم تكن مسرية إلى العلة، إلا أنه لا يمكن كون العلة واجبا بالفعل مع حرمة المعلول، للزوم التكليف بما لا يطاق، لعدم قدرة المكلف على امتثال كليهما، فيكون من قبيل التزاحم.
ومن المعلوم عدم كون كلا التكليفين فعليا في باب التزاحم. ومحل الكلام إنما هو صورة العلم بالضرر لا صورة الجهل به، حتى نحكم بصحة أحد المتزاحمين مع الجهل بالآخر كما تقدم، فلا يمكن القول بوجوب الطهارة المائية فعلا، مع حرمة الاضرار بالنفس، لما يلزم من التكليف بما لا يطاق، فلا أمر بالطهارة المائية فتكون باطلة لا محالة. ولا يمكن تصحيحها على القول بالترتب أيضا لوجهين:
(الأول) - ان الترتب انما يتصور فيما إذا كان المتزاحمان عرضيين، بحيث يمكن الالتزام بفعلية أحدهما في ظرف عصيان الآخر، كوجوب الإزالة والصلاة والمقام ليس كذلك، فإنه بعد وقوع التزاحم بين وجوب الطهارة المائية وحرمة الاضرار بالنفس لا يمكن الالتزام بوجوب الطهارة المائية بعد تحقق عصيان حرمة الاضرار، لان العصيان والاضرار انما يتحققان بنفس الطهارة المائية، لكونها علة للاضرار، فكيف يمكن الالتزام بوجوب الطهارة المائية بعد عصيان حرمة الاضرار.
(الثاني) - ان الترتب انما هو فيما إذا كان الملاك تاما في كلا الحكمين،