مع العلم بها، فلا يحكم بالخيار، فيقال ما وجه هذا التقييد؟ مع أن دليل لا ضرر ناظر إلى الضرر الواقعي، بلا فرق بين العلم والجهل. ودعوى - انه مع العلم هو أقدم علي الضرر - مدفوعة بأن إقدامه على الضرر غير مؤثر في لزوم البيع، بعد كون الحكم الضرري منفيا في الشريعة، وبعد كون اللزوم منفيا شرعا لا فائدة في إقدامه على الضرر.
(الثاني) - تسالم الفقهاء على صحة الطهارة المائية مع جهل المكلف بكونها ضررية، مع أن مقتضى دليل لا ضرر عدم وجوبها حينئذ، وكون الوظيفة هي الطهارة الترابية، فيلزم الحكم ببطلان الطهارة المائية مع جهل المكلف بكونها ضررية، ووجوب إعادة الصلاة الواقعية معها.
والجواب اما عن المورد الأول فهو ان الاشكال فيه مبني على أن الدليل لثبوت خيار الغبن والعيب هو دليل نفي الضرر. وقد ذكرنا ان الدليل على ثبوت خيار الغبن تخلف الشرط الارتكازي، باعتبار ان بناء العقلاء على التحفظ بالمالية عند تبديل الصور الشخصية، فهذا شرط ضمني ارتكازي، وبتخلفه يثبت خيار تخلف الشرط وعليه فيكون الاقدام من المغبون مع علمه بالغبن اسقاطا للشرط المذكور فلا اشكال فيه. وأما خيار العيب فان كل الدليل عليه هو تخلف الشرط الضمني، بتقريب ان المعاملات العقلائية مبنية على أصالة السلامة في العوضين، فإذا ظهر العيب كان له خيار تخلف الشرط، فيجرى فيه الكلام السابق في خيار الغبن. ولا حاجة إلى الإعادة. وإن كان الدليل عليه الأخبار الخاصة، كما أن الامر كذلك، غاية الامر ان الاخبار مشتملة على امر آخر زائدا على الخيار وهو الأرش، فهو مخير بين الفسخ والامضاء مع الأرش، فالامر أوضح لتقييد الخيار في الاخبار بصورة الجهل بالعيب.