(التنبيه السادس) ذكر بعضهم أن قاعدة لا ضرر كما أنها حاكمة على الاحكام الوجودية كذلك حاكمة على الاحكام العدمية، فكما أن الحكم الوجودي الضرري يرتفع بحديث لا ضرر، كذلك نفي الحكم إن كان ضرريا يرتفع به ونفي النفي يستلزم ثبوت الحكم، فيثبت الحكم بدليل لا ضرر في مورد كان نفيه ضرريا. ومثل لذلك بأمثلة: (منها) - ما تقدم ذكره عند نقل كلام الفاضل التوني (ره) وهو أنه لو حبس أحد غيره عدوانا، فشرد حيوانه أو أبق عبده، فان عدم حكم الشارع فيه بالضمان ضرر على المحبوس، فينفي بحديث لا ضرر ويحكم بالضمان.
و (منها) - ما ذكره السيد (ره) في ملحقات العروة، واستدل له بقاعدة لا ضرر تارة، وبالروايات الخاصة أخرى. وهو أنه لو امتنع الزوج عن نفقة زوجته، فعدم الحكم بجواز طلاقها للحاكم ضرر عليها، فينفي بحديث لا ضرر ويحكم بجواز طلاقها للحاكم.
وقد أورد المحقق النائيني (ره) على ذلك بوجهين: (الأول) راجع إلى منع الكبرى أي إلى أصل القاعدة المذكورة، وهي أن دليل لا ضرر حاكم على الاحكام العدمية. و (الثاني) راجع إلى منع الصغرى، أي إلى تطبيق القاعدة المذكورة على المثالين.
(أما الأول) - فهو أن حديث لا ضرر ناظر إلى الاحكام المجعولة في الشريعة المقدسة، ويقيدها بصورة عدم الضرر، وعدم الحكم ليس حكما مجعولا، فلا يشمله حديث لا ضرر. و (أما الثاني) - فهو أن حديث لا ضرر