عدم الصحة في المقامين. وسنذكر الوجه لما ذكره والكلام فيه. فالأقوال في المسألة ثلاثة: (الأول) - هو الحكم بصحة الطهارة المائية مع العلم بالضرر والعلم بالحرج. (الثاني) - هو الحكم بالفساد في المقامين كما اختاره المحقق النائيني (رحمه الله). (الثالث) - هو التفصيل بين العلم بالضرر فيحكم بالفساد، وبين العلم بالحرج فيحكم بالصحة، كما اختاره في العروة. ولعله المشهور بين المتأخرين والأقوى هو القول الأول والحكم بالصحة في المقامين، لكن في خصوص الغسل والوضوء دون غيرهما من العبادات واجزائها، فإنه يحكم بالفساد في غيره الوضوء والغسل، مع العلم بالضرر والعلم بالحرج، على ما سنشير إليه قريبا إن شاء الله تعالي.
والوجه في ذلك أن الغسل مستحب لنفسه. وكذا الوضوء. وقد تقدم أن دليل لا ضرر حاكم على الأدلة الدالة على الاحكام الالزامية دون الأدلة الدالة على الاحكام غير الالزامية، كالاستحباب والإباحة. باعتبار أن دليل لا ضرر ناظر إلى نفى الضرر من قبل الشارع.
والضرر في موارد الإباحة والاستحباب مستند إلى اختيار المكلف وإرادته لا إلى الشارع، فالاحكام غير الالزامية باقية بحالها، وإن كانت متعلقاتها ضررية، فالوضوء الضرري وان كان وجوبه مرفوعا بأدلة نفي الضرر، إلا ان استحبابه باق بحاله، فصح الاتيان بالوضوء الضرري بداعي استحبابه النفسي أو لغاية مستحبة. وتحصل له الطهارة من الحدث، وبعد حصولها لا مانع من الصلاة معها لحصول شرطها وهي الطهارة. وكذا الحال في الغسل الضرري فيجري فيه ما ذكرناه في الوضوء بلا حاجة إلى الإعادة. نعم لا نقول بالصحة في غير الوضوء والغسل، كما إذا كان القيام حال القراءة ضرريا أو حرجيا، فإنه تجب الصلاة جالسا، فلو قام في الصلاة مع العلم بالضرر أو الحرج نحكم ببطلان الصلاة في كلا المقامين، لعدم الامر بالقيام حينئذ، وإن