أقول أما ما ذكره في من اعتقد عدم وجود الماء فمتين جدا، فان التمكن لا يدور مدار الواقع، بل يدور مدار الاعتقاد، فان الانسان ربما يموت عطشا والماء في رحله، بل نقول ان الماء موجود دائما لعدم كون الأرض خالية من الماء غاية الامر أنه لا يتمكن من استعماله.
وأما من اعتقد الضرر مع عدم الضرر في الواقع فالحكم بعدم تمكنه من استعمال الماء مبنى على القول بحرمة الاضرار بالنفس فان المعتقد بالمنع الشرعي عاجز عن الامتثال، إذ الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي. وأما بناء على ما ذكرناه من عدم حرمة الاضرار بالنفس، فالمكلف متمكن من استعمال الماء مع العلم بالضرر غاية الامر انه يعتقد ترخيص الشارع له بترك الوضوء والاكتفاء بالتيمم ارفاقا وامتنانا، فإذا انكشف عدم الضرر ينكشف بطلان التيمم وعدم ترخيص الشارع فيه من أول الامر. هذا هو مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن الاخبار ولكن وردت في المقام روايات تدل على جواز التيمم بمجرد خوف الضرر، فإذا ثبت جواز التيمم مع الخوف المنطبق على مجرد الاحتمال العقلائي بمقتضى هذه الروايات ثبت جوازه مع اعتقاد الضرر قطعا، فيحكم بصحة التيمم من جهة كون الخوف تمام الموضوع بمقتضى الروايات، ولا يضره انكشاف عدم الضرر في الواقع. نعم بعد الانكشاف ينقلب موضوع الخوف أمنا، هذا كله فيما إذا انكشف الخلاف بعد خروج الوقت وأما إذا انكشف الخلاف في أثناء الوقت فالحكم بالصحة وعدم وجوب الإعادة مبني على أن جواز التيمم منوط بعدم وجدان الماء، وعدم التمكن من استعماله في جميع الوقت أو بعدم التمكن منه حال الاتيان بالعمل، ولا يعتبر عدم التمكن منه في جميع الوقت. وهذا هو منشأ الاختلاف في جواز البدار إلى العمل مع التيمم وعدمه. فان قلنا بالثاني