العرفي فان السؤال عن الطريق إلى كربلاء مثلا إنما هو للمشي من هذا الطريق، فالامر بالسؤال عن طريق كربلاء ظاهر في الوجوب الطريقي، لا الوجوب النفسي بأن يكون مجرد السؤال عن الطريق مطلوبا نفسيا، فكذا الحال في قوله تعالى:
(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) فان الامر بالسؤال فيه ظاهر في الوجوب الطريقي. وأن السؤال من أهل الذكر انما هو للعمل، لا لكونه مطلوبا بنفسه. ولعل ظهور الامر بالسؤال في الوجوب الطريقي ظاهر غير قابل للانكار.
وأما القرينة الخارجية فروايتان: (إحداهما) - ما ورد في تفسير قوله تعالى: (فلله الحجة البالغة) وقد تقدم ذكره، فان قوله فهلا تعلمت حتى تعمل صريح في أن وجوب التعلم إنما هو للعمل. (الثانية) - ما ورد في مجدور صار جنبا فغسلوه فمات، فقال عليه السلام: (قتلوه قتلهم الله ألا سألوا ألا يمموه؟) فان عتاب الإمام (ع) ودعاءه عليهم لم يكن لمجرد ترك السؤال، بل لترك التيمم أيضا، إذا من الواضح ان مجرد السؤال والتعلم لم يكن موجبا لنجاته من القتل الذي نسبه الإمام (ع) إليهم وغيرهم به، وإنما الموجب لنجاته العمل بالتيمم، فكان الأمر بالسؤال والتعلم انما هو للعمل لا محالة.
هذا مضافا إلى أنه على تقدير ترك التعلم والفحص لو صادف خلاف الواقع بارتكاب الحرام أو ترك الواجب، فالقول باستحقاق العقاب لأجل ترك التعلم دون مخالفة الواقع بعيد، لان وجوب الفحص والتعلم انما هو لتنجز الواقع قبله فكيف يمكن الالتزام بعدم استحقاق العقاب على مخالفة الواقع، واستحقاقه على ترك الفحص عنه، فإنه خلف. والالتزام باستحقاق عقابين أبعد، ولم يقل به أحد. فتعين القول باستحقاق عقاب واحد لأجل مخالفة الواقع، دون ترك الفحص والتعلم. وهذا هو معنى الوجوب الطريقي. وأما لو ترك الفحص