الاستصحاب. وعليه فلا مانع من اجراء الاستصحاب في المقام، وإحراز عدم الابتلاء بالتعبد، ويترتب عليه عدم وجوب التعلم، فلا يبقى موضوع لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل. نعم بناء على عدم قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي وكونه بمنزلة القطع الطريقي فقط، كما عليه صاحب الكفاية (رحمة الله) يعتبر في جريان الاستصحاب كون المستحب اثرا شرعيا أو ذا اثر شرعي، فلا يجرى في المقام، لما ذكره المحقق النائيني (ره) ولكنه خلاف الموضوعي أيضا.
هذا ولكن التحقيق ان الاستصحاب غير جار في المقام، للأدلة الدالة على وجوب التعلم، فان اطلاقها يشمل المقام.
وتخصيصها بموارد العلم أو الاطمئنان بالابتلاء مستهجن لندرتها، فان الغالب في مسائل الشكوك ونحوها مجرد احتمال الابتلاء، فيكون وجوب التعلم عند احتمال الابتلاء ثابتا بالدليل، ومعه لا تصل النوبة إلى جريان الاستصحاب كما هو واضح.
(الجهة الرابعة) - لا شك في أن الشاك في التكليف لو ترك الفحص واقتحم في الشبهة، فصادف ارتكاب الحرام يستحق العقاب على مخالفة الواقع، إذ بعد وجوب الفحص طريقيا تنجز الواقع عليه. هذا فيما إذا كان الواقع بحيث لو تفحص المكلف عنه لظفر به. واما فيما إذا كان الواقع على نحو لا يصل المكلف إليه بعد الفحص، بل ربما يؤدى فحصه إلى خلافه، فهل يستحق العقاب على مخالفة الواقع أم لا؟ وجهان بل قولان. ولا يخفى ان استحقاق العقاب من جهة التجري وعدم الفحص مبنى على ما تقدم الكلام فيه في مبحث التجري، فمحل الكلام فعلا إنما هو استحقاق العقاب على مخالفة الواقع، فالتزم المحقق النائيني (ره) باستحقاق العقاب، بدعوى ان مخالفة الواقع ما لم