(الخامس) - الأخبار الدالة على وجوب التوقف. وقد تقدم ذكر جملة منها في مبحث البراءة. والنسبة بينها وبين اخبار البراءة وإن كانت هي التباين لدلالة أخبار البراءة باطلاقها على البراءة مطلقا قبل الفحص وبعده. وكذا جملة من أخبار التوقف تدل على وجوب التوقف مطلقا، إلا أن مورد جملة من أخبار التوقف هي الشبهة قبل الفحص، كقوله عليه السلام: فارجه حتى تلقي امامك أي يجب عليك التوقف حتى تلقى إمامك، فتتفحص وتسأله، فنسبتها إلى أخبار البراءة هي الخصوص المطلق، فتخصص اخبار البراءة بما بعد الفحص وبعد هذا التخصيص تكون النسبة بين اخبار البراءة وبين بقية اخبار التوقف الدالة على وجوب التوقف مطلقا أيضا هو العموم المطلق، فتخصص اخبار التوقف بما قبل الفحص، كما هو الشأن في جميع المتعارضين، فإنه تلاحظ النسبة بينهما بعد ورود التخصيص في أحدهما أو في كليهما من الخارج. ولا تلاحظ النسبة بينهما في أنفسهما، مع قطع النظر عن ورود التخصيص الخارجي على ما هو مذكور في محله. هذا بناء على الاغماض عما ذكرناه من كون اخبار البراءة مختصة بما بعد الفحص، لأجل قرينة عقلية، والا فلا نحتاج إلى تخصيص أدلة البراءة ببعض اخبار التوقف، بل هي بنفسها مختصة لأجل القرينة العقلية على ما تقدم بيانه.
وبما ذكرناه ظهر اختصاص أدلة الاستصحاب أيضا بما بعد الفحص. وظهر أيضا عدم جواز الرجوع إلى سائر الأصول العقلية قبل الفحص كالتخيير العقلي ونحوه.
وملخص الكلام في المقام أن الأصول العقلية في نفسها قاصرة عن الشمول لما قبل الفحص، لأن موضوعها عدم البيان، وهو لا يحرز إلا بالفحص فلا مقتضي لها قبله. وأما الأصول النقلية فأدلتها وإن كانت مطلقة في نفسها، الا