بعد العلم بنجاسة اناء بخصوصه ان العلم الأول قد انحل دون العلم الثاني، بل مرجع العلم بوجود نجاسة مرددة بين الأقل والأكثر والعلم بنجاسة اناء زيد إلى العلم بوجود نجس واحد بعنوانين، فإذا علمنا تفصيلا بنجاسة اناء معين من الأواني ينحل العلم الاجمالي لا محالة.
و (ثالثا) - انه على تقدير تسليم عدم الانحلال وبقاء العلم الاجمالي على حاله لا يكون هذا العلم منجزا بالنسبة إلى الزائد على القدر المتيقن، لما ذكرناه مرارا من أن التنجيز دائر مدار تعارض الأصول في أطراف العلم الاجمالي وتساقطها. وحيث انه لا معنى لجريان الأصل في الطرف المعلوم كونه نجسا في مفروض المثال، فيجرى الأصل في غيره بلا معارض. فلا يكون العلم الاجمالي منجزا.
وأما ما ذكره (ره) من عدم جواز الرجوع إلى البراءة بعد الظفر بالقدر المتيقن من الدين المضبوط في الدفتر، فهو على تقدير صحته لا بد من أن يكون مستندا إلى أمر آخر غير العلم الاجمالي، كما ادعى ذلك في موارد من الشبهات الموضوعية التي لا كلام في جواز الرجوع إلى البراءة فيها قبل الفحص. منها ما لو شك في بلوغ المال حد النصاب. ومنها ما لو شك في حصول الاستطاعة للحج وغيرهما من الموارد. وذكروا الوجه في ذلك انا علمنا من الخارج ان الشارع لا يرضى بالرجوع إلى الأصل في هذه الموارد قبل الفحص، للزوم المخالفة الكثيرة، فلو صح هذا الادعاء لقلنا بمثله في مثال الدين، فإنه أيضا شبهة موضوعية، والا التزمنا بجواز الرجوع إلى البراءة قبل الفحص فيه. ومن الشواهد على أن عدم جواز الرجوع إلى الأصل في المقدار الزائد على القدر المتيقن على تقدير تسليمه ليس من جهة العلم الاجمالي أنه لو فرض عدم التمكن من الرجوع إلى الدفتر لضياعه مثلا لم يكن مانع من الرجوع إلى الأصل في الزائد