في الحديث الشريف من هذا القبيل (الامر الثاني) - ان الرفع في الحديث قد تعلق بأمور تسعة، ونسبة الرفع إلى هذه الأمور وإن كانت واحدة بحسب السناد الكلامي، إلا انها متعددة بحسب اللب والتحليل، وتختلف باختلاف هذه الأمور التسعة، لأن الرفع بالنسبة إلى ما لا يعلمون ظاهري لا واقعي، وذلك لقرينة داخلية، وقرينة خارجية تقدم بيانهما عند ذكر تقريب الاستدلال بالحديث الشريف، فلا نعيد.
هذا كله في الشبهات الحكمية وكذا الحال في الشبهات الموضوعية، فان جعل الحكم لموضوع مع اعتبار العلم به، بحيث كان الحكم منتفيا واقعا مع الجهل بالموضوع، وإن كان بمكان من الامكان، ولا يلزم منه محذور التصويب كما لزم في الشبهة الحكمية، إلا ان مقتضى إطلاقات الأدلة ثبوت الحكم مع العلم بالموضوع والجهل به. وعليه فكان رفع الحكم مع الجهل بالموضوع بمقتضى الحديث الشريف أيضا رفعا ظاهريا، كما في الشبهة الحكمية. وأما الرفع في بقية الفقرات فهو واقعي. ويترتب على هذا الفرق ثمرة مهمة، وهي انه إذا عثرنا على الدليل المثبت للتكليف بعد العمل بحديث الرفع، يستكشف به ثبوت الحكم الواقعي من أول الامر (مثلا) إذا شككنا في جزئية شئ أو شرطيته للصلاة، وبنينا على عدمها لحديث الرفع، ثم بان لنا الخلاف ودل دليل على الجزئية أو الشرطية، لا يجوز الاكتفاء بالفاقد من ناحية حديث الرفع بل لا بد من التماس دليل آخر كحديث لا تعاد في خصوص الصلاة، أو ثبوت الاجزاء في الامر الظاهري وهذا بخلاف باقي الفقرات فان الرفع فيها واقعي، فلو ارتفع الاضطرار أو الاكراه مثلا تبدل الحكم من حين الارتفاع، ويجزي المأتي به حال الاضطرار أو الاكراه (الامر الثالث) - انه لا اختصاص لحديث الرفع بالأحكام التكليفية. بل