(الخامس) - أنه لا اشكال في شمول الحديث للشبهات الموضوعية، فأريد بالموصول فيما لا يعلمون الفعل يقينا، ولو أريد به الحكم أيضا لزم استعماله في معنيين، وهو غير جائز، ولا أقل من كونه خلاف الظاهر.
وفيه (أولا) - ما عرفت من أن الموصول لم يستعمل في الفعل ولا في الحكم، بل استعمل في معناه المبهم المرادف لمفهوم الشئ، غاية الأمر انه ينطبق على الفعل مرة وعلى الحكم أخرى، واختلاف المصاديق لا يوجب تعدد المعنى المستعمل فيه.
و (ثانيا) - أن شمول الحديث للشبهات الموضوعية لا يقتضى إرادة الفعل من الموصول، بل يكفي فيه إرادة الحكم منه، باعتبار أن مفاده حينئذ أن الحكم المجهول مرفوع، سواء كان سبب الجهل به عدم تمامية الحجة عليه من قبل المولى - كما في الشبهات الحكمية - أو الأمور الخارجية كما في الشبهات الموضوعية فتحصل مما ذكرناه في المقام تمامية الاستدلال بالحديث الشريف على البراءة. وأما البحث عن معارضته بأخبار الاحتياط فسيأتي التعرض له عند ذكر أدلة الأخباريين إن شاء الله تعالى. ثم انه ينبغي التنبيه على أمور كلها راجعة إلى البحث عن فقه الحديث الشريف: (الامر الأول) انه ربما يستشكل في الحديث بأن الرفع ظاهر في إزالة الشئ الثابت قبالا للدفع الذي هو عبارة عن منع المقتضى عن التأثير في وجود المقتضى! و (بعبارة أخرى) الرفع عبارة عن إعدام الشئ الموجود، والدفع عبارة عن المنع عن الايجاد وعليه فكيف صح استعمال الرفع في المقام، مع عدم ثبوت تلك الأحكام في زمان وأجاب عنه المحقق النائيني (ره) بأنه لا فرق بين الرفع والدفع على ما هو التحقيق، من أن الممكن كما يحتاج إلى المؤثر في حدوثه، كذلك يحتاج إليه في بقائه وان علة الحدوث لا تكفي في البقاء بحيث يكون البقاء غنيا عن المؤثر