مما لا يمكن الجمع بينهما ثبوتا، و يتناقضان على ما سنتكلم فيه في مبحث الاشتغال إن شاء الله تعالى.
وأما الشبهة الموضوعية فلا ينفك الشك فيها عن العلم بالحرام لا بعينه، فانا إذا شككنا في كون مائع موجود في الخارج خمرا، كان الحرام معلوما لا بعينه، إذ نعلم اجمالا بوجود الخمر في الخارج المحتمل انطباقه على هذا المائع فيكون الحرام معلوما لا بعينه، ولكن هذا العلم لا يوجب التنجز لعدم حصر أطرافه، وعدم كون جميعها في محل الابتلاء، فما ابتلى به من أطرافه محكوم بالحلية ما لم يعلم أنه حرام بعينه.
اما القرينة المختصة بالموثقة، فهي امر ان: (الأول) - كون الأمثلة المذكورة فيها من قبيل الشبهة الموضوعية، فهي قرينة على اختصاص الموثقة بالشبهة الموضوعية. ولا أقل من احتمال القرينية، فلا ينعقد لها ظهور في الشمول للشبهات الحاكمية. (الثاني) - قوله عليه السلام أو تقوم به البينة، بناء على أن المراد منها هي البينة المصطلحة، وهي اخبار العدلين، فان اعتبار البينة المصطلحة انما هو في الموضوعات. واما الاحكام فيكفي فيها خبر الواحد. فقوله عليه السلام (أو تقوم به البينة) قرينة أو صالح للقرينية على إرادة خصوص الشبهة الموضوعية فيكون المراد ان الأشياء الخارجية كلها على الإباحة، حتى تظهر حرمتها بالعلم الوجداني أو تقوم بها البينة. ولا بد حينئذ من الالتزام بتخصيص هذا العموم بعدة أمور قد ثبت من الخارج ارتفاع الحلية بها، كالاقرار وحكم الحاكم والاستصحاب. واما بناء على أن المراد من البينة هو معناه اللغوي أي ما يتبين به الشئ، فيكون المراد منها مطلق الدليل، كما قويناه أخيرا. وهذا المعنى هو المراد في الآيات والروايات، كقوله تعالى: (أو لو كنت على بينة من ربي) فلا قرينية لقوله عليه السلام أو تقوم به البينة على إرادة خصوص الشبهات الموضوعية