بينه وبين المفهوم كي يكون عموم التعليل قرينة على عدم المفهوم للقضية الشرطية نعم لو لم يكن المفهوم حاكما على التعليل وقع التنافي بينهما، فأمكن الالتزام بأن عموم التعليل مانع عن ظهور القضية الشرطية في المفهوم، كما إذا قيل إن كان هذا رمانا فلا تأكله لأنه حامض، فان مقتضى عموم التعليل المنع عن اكل كل حامض ومقتضى مفهوم القضية الشرطية جواز الاكل ان لم يكن رمانا، فيقع التنافي بينهما في حامض غير الرمان، فيكون عموم التعليل مانعا عن ظهور القضية الشرطية في المفهوم. وهذا بخلاف الآية الشريفة، فان المفهوم فيها حاكم على عموم التعليل على ما عرفت، فلا تنافي بينهما ليكون التعليل مانعا عن ظهور الجملة الشرطية في المفهوم.
ثم إنه ربما يستشكل على كون المفهوم حاكما على التعليل بأنه لو اقتصر في التعليل بقوله تعالى: (ان تصيبوا قوما بجهالة) لأمكن الالتزام بكون المفهوم حاكما على التعليل، باعتبار ان خبر العادل قد اعتبر علما بالتعبد، فهو خارج عن الجهالة موضوعا ببركة التعبد، ولكن التعليل في الآية المباركة مذيل بما يكون معه مانعا عن المفهوم، وهو قوله تعالى: (فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) إذ الدم لا يكون الا لأجل الوقوع في مفسدة مخالفة الواقع، وهذا التعليل مانع عن المفهوم، لان العمل بخبر العادل أيضا لا يؤمن معه من الندم الناشئ من الوقوع في مفسدة مخالفة الواقع.
وفيه ان الوقوع في مفسدة مخالفة الواقع (تارة) يكون مع العمل بالوظيفة المقررة شرعا. و (أخرى) يكون مع عدم العمل بها، والأول كما إذا عمل بالبينة الشرعية في مورد. ثم انكشف خلافها، والثاني كما إذا عمل بخلاف البينة فوقع في مفسدة مخالفة الواقع، والندم في القسم الأول مما لا اثر له إذ المكلف فيه معذور في مخالفة الواقع، ولا يكون مستحقا للعقاب، بخلاف