المذكور في ذيل الآية الشريفة، وهو قوله تعالى: (ان تصيبوا قوما بجهالة) - فيكون مفاد الآية الشريفة ان العمل بخبر الفاسق يعتبر فيه التبين عنه، فيجب التبين عنه في مقام العمل به، ويكون المفهوم بمقتضى التعليق على الوصف ان العمل بخبر غير الفاسق لا يعتبر التبين عنه. فلا يجب التبين عن خبر غير الفاسق في مقام العمل به، وهذا هو المقصود. وهذا الاستدلال غير تام، لان الوصف وان كان يدل على المفهوم. إلا ان مفهوم الوصف هو ان الحكم ليس ثابتا للطبيعة أينما سرت، وإلا لكان ذكر الوصف لغوا. وأما كون الحكم منحصرا في محل الوصف بحيث ينتفي بانتفائه، فهو خارج عن مفهوم الوصف ويحتاج إلى اثبات كون الوصف علة منحصرة، ولا يستفاد ذلك من نفس الوصف، فان تعليق الحكم على الوصف - لو سلم كونه مشعرا بالعلية - لا يستفاد منه العلة المنحصرة يقينا، فإذا قال المولى أكرم الرجل العالم كان مفهوم الوصف أن وجوب الاكرام لم يتعلق بطبيعة الرجل، وإلا كان ذكر العالم لغوا. وأما انحصار وجوب الاكرام في العالم بحيث ينتفى بانتفائه فلا يستفاد منه إذ الوصف وإن كان مشعرا بالعلية، وان العلم علة لوجوب الاكرام، إلا أنه لا يدل على انحصار العلية فيه، فيحتمل وجوب اكرام غير العالم أيضا لعلة أخرى، ككونه هاشميا مثلا، وعليه فيكون مفهوم الوصف في الآية الشريفة ان وجوب التبين ليس ثابتا لطبيعة الخبر، وإلا لكان ذكر الفاسق لغوا، ولا يلزم منه عدم وجوب التبين عن خبر غير الفاسق على الاطلاق، إذ لا يستفاد منه كون الوصف علة منحصرة لوجوب التبين، كي ينتفى بانتفائه، بل يحتمل وجوب التبين عن خبر العادل أيضا، إذا كان واحدا، ويكون الفرق بين العادل والفاسق ان خبر الفاسق يجب التبين عنه ولو مع التعدد بخلاف خبر العادل، إذ مع التعدد يكون بينة شرعية لا يجب التبين عنها فتحصل انه لا يستفاد من مفهوم الوصف انتفاء وجوب التبين عند انتفاء وصف الفسق.
(١٥٣)