في التعليل عدم العلم والظاهر أن المراد منه السفاهة والآتيان بما لا ينبغي صدوره من العاقل، فان الجهالة كما تستعمل بمعنى عدم العلم كذلك تستعمل بمعنى السفاهة أيضا، وليس العمل بخبر العادل سفاهة. كيف والعقلاء يعملون بخبر الثقة فضلا عن خبر العادل. واما الاشكال على ذلك - بأن العمل بخبر الوليد لو كان سفاهة لما أقدم عليه الصحابة، مع أنهم أقدموا عليه ونزلت الآية ردعا لهم فمندفع بأن الأصحاب لم يعلموا بفسق الوليد فأقدموا على ترتيب الأثر على خبره فأخبرهم الله سبحانه بلسان نبيه صلى الله عليه وآله بفسقه، وان العمل بخبره بعد ثبوت فسقه سفاهة. ولو فرض علمهم بفسقه كان إقدامهم على العمل بخبره لغفلتهم عن كونه سفاهة، فإنه قد يتفق صدور عمل من الانسان غفلة، ثم يلتفت إلى كونه مما لا ينبغي صدوره وانه سفاهة.
و (ثانيا) - انه على تقدير تسليم ان المراد من الجهالة عدم العلم لا السفاهة لا يكون التعليل مانعا عن المفهوم، بل المفهوم - على تقدير دلالة القضية الشرطية عليها بنفسها - يكون حاكما على عموم التعليل، إذ خبر العادل حينئذ يكون علما تعبديا، على ما ذكرناه مرارا من أن مفاد دليل حجية الطرق والامارات هو تتميم الكشف، وجعل غير العلم علما بالاعتبار، فيكون خبر العادل خارجا عن عموم التعليل موضوعا، ويكون المفهوم حاكما على عموم التعليل، نظير حكومة الامارات على الأصول العلمية. و (بعبارة أخرى) الأدلة المتكفلة لبيان الاحكام لا تتكفل لاثبات الموضوع، فان مفادها ثبوت الحكم على الموضوع المقدر وجوده. واما كون الموضوع موجودا أو غير موجود فهو خارج عن مفادها، وعليه فمفاد التعليل عدم حجية كل خبر غير علمي. واما كون خبر فلان علميا أو غير علمي فهو خارج عن مفاده، فيكون المفهوم الدال على كون خبر العادل علما بالتعبد حاكما على عموم التعليل، فلا تنافي