للحكومة بمعنى خروج خبر العادل عن التعليل موضوعا بلحاظ عدم وجوب التبين عنه، إذ المفروض ان عدم وجوب التبين عن خبر العادل هو المستفاد من المفهوم أولا ثم يستكشف منه ان الشارع قد اعتبره علما. فكيف يمكن الالتزام بأنه خارج عن عموم التعليل موضوعا فلا يجب التبين عنا؟.
وان شئت قلت إن الحكومة إنما هي فيما إذا كان لسان الدليل الحاكم نفي الموضوع وكان الغرض منه نفي الحكم كما في قوله: (لا ربا بين الوالد والولد) واما لو كان لسان الدليل نفي الحكم من أول الامر فليس هناك حكومة بل تخصيص لا محالة كما لو كان لسان الدليل هكذا: لا يحرم الربا بين الوالد والوالد فإنه مخصص لأدلة حرمة الربا لا انه حاكم عليها، والمقام من هذا القبيل بعينه إذ المستفاد من المفهوم أولا عدم وجوب التبين عن خبر العادل ويستكشف منه حجيته وانه اعتبر علما فيكون المفهوم مخصصا للتعليل الدال على وجوب التبين عن كل خبر غير علمي لا انه حاكم عليه، والمفروض عدم امكان الالتزام بالتخصيص لكون ظهور العام أقوى من ظهور الفضية الشرطية في الفهوم بل التعليل بنفسه آب عن التخصيص في نفسه، وكيف يمكن الالتزام بالتخصيص في مثل قوله تعالى: (ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فيكون التعليل مانعا عن انعقاد الظهور للقضية الشرطية في المفهوم.
هذا ملخص الاشكال الذي ذكره بعض الأعاظم بتوضيح منا، والانصاف انه كلام علمي دقيق وان كان غير تام إذ يمكن الجواب عنه بان الحكومة على قسمين:
(القسم الأول) - هو ما ذكر في الاشكال وهو ان يكون الحاكم ناظرا إلى المحكوم وشارحا له بالتصرف في الموضوع تضييقا أو توسعة بلحاظ الأثر الثابت له في الدليل المحكوم وقد ذكر أمثلته، وهذا النوع من الحكومة انما هو فيما