إذا لم يكن الموضوع بنفسه قابلا للتعبد كالخمر في قوله عليه السلام الفقاع خمر استصغره الناس، وكذا الربا بين الوالد والولد، فان الفقاع ليس من افراد الخمر بالوجدان فكيف يمكن التعبد بأنه خمر مع قطع النظر عن الأثر الشرعي، وكذا الربا بمعنى الزيادة موجود بين الوالد والولد بالوجدان، فكيف يمكن التعبد بأنه لا ربا بينهما مع قطع النظر عن الأثر الشرعي؟ فلا محالة يكون التعبد ناظرا إلى الأثر الشرعي الثابت للموضوع فيثبته لغيره كما في قوله عليه السلام الفقاع خمر، أو ينفيه عن بعض مصاديقه كما في قوله عليه السلام: لا ربا بين الوالد والولد. غاية الامر ان اثبات الأثر ونفيه انما هو بلسان نفي الموضوع واثباته.
(القسم الثاني) - من الحكومة ما إذا كان الموضوع بنفسه قابلا للتعبد بلا احتياج إلى لحاظ اثر شرعي فيتعبد بموضوع ولو لم يكن له اثر شرعي أصلا كالعلم فإنه يصح ان يعتبر الشارع امارة غير علمية علما وان لم يكن للعلم اثر شرعي أصلا فيترتب على الامارة الآثار العقلية للعلم من التنجيز والتعذير، والمقام من هذا القبيل فإنه بعد ما استفدنا من المفهوم عدم وجوب التبين عن خبر العادل يستكشف منه أن خبر العادل قد اعتبر علما للملازمة بينهما، فيكون خبر العادل خارجا عن عموم التعليل موضوعا بالتعبد، وهو من الحكومة بهذا المعنى الثاني لا بمعنى ان خبر العادل قد اعتبر علما بلحاظ اثره الشرعي وهو عدم وجوب التبين عنه فإنه ليس من آثار العلم بل لا معنى له، إذ العلم هو نفس التبين فلا يعقل ان يكون عدم وجوب التبين من آثاره، ومن هذا النوع من الحكومة حكومة الامارات على الأصول العملية وحكومة قاعدة الفراغ والتجاوز على الأصول الجارية في الشبهات الموضوعية، فلا مانع من كون المفهوم حاكما على عموم التعليل مع قطع النظر عن لحاظ ترتب الأثر وهو عدم وجوب التبين فلاحظ وتأمل.
وقد يستشكل أيضا على كون المفهوم حاكما على التعليل بان المفهوم متفرع