عنه على مجئ الفاسق به مولويا، إذ لا يكون متوقفا عليه عقلا، ويكون مفاد الكلام حينئذ ان النبأ ان جاءكم به فاسق فتبينوا، فلا محالة تدل القضية على المفهوم، وانتفاء وجوب التبين عند انتفاء مجئ الفاسق به، وكذلك الحال إن كان الموضوع هو الجائي بالنبأ المستفاد من قوله تعالى: (ان جاء كم) فان الجائي بالنبأ قد يكون فاسقا وقد يكون غير فاسق، وقد علق وجوب التبين على كونه فاسقا، ولا يكون متوقفا عليه عقلا، ويكون مفاد الكلام حينئذ ان الجائي بالنبأ ان كان فاسقا فتبينوا، فتدل القضية على المفهوم وانتفاء وجوب التبين عند انتفاء كون الجائي بالنبأ فاسقا. واما ان كان الموضوع هو الفاسق وله حالتان، لان الفاسق قد يجئ بالنبأ وقد لا يجئ به، وعلق وجوب التبين على مجيئه بالنبأ ويكون مفاد الكلام حينئذ ان الفاسق ان جاءكم بنبأ فتبينوا فلا دلالة للقضية على المفهوم، لان التبين متوقف على مجيئه بالنبأ عقلا، فتكون القضية مسوقة لبيان الموضوع، إذ مع عدم مجيئه بالنبأ كان التبين منتفيا بانتفاء موضوعه، فلا مفهوم للقضية الشرطية في الآية المباركة.
هذه هي محتملات الآية الشريفة بحسب التصور ومقام الثبوت. والظاهر منها في مقام الاثبات بحسب الفهم العرفي هو المعنى الثالث، فإنه لا فرق بين الآية الشريفة وبين قولنا: ان أعطاك زيد درهما فتصدق به من حيث المفهوم. والظاهر من هذا الكلام - بحسب متفاهم العرف - وجوب التصدق بالدرهم على تقدير اعطاء زيد إياه. واما علي تقدير عدم اعطاء زيد درهما، فالتصدق به منتف بانتفاء موضوعه، وذلك لأن الموضوع بحسب فهم العرف هو زيد، وله حالتان فإنه قد يعطي درهما وقد لا يعطيه، وقد علق وجوب التصدق بالدرهم على اعطائه إياه، وهو متوقف عليه عقلا، إذ على تقدير عدم اعطاء زيد درهما يكون التصدق به منتفيا بانتفاء موضوعه، فالقضية مسوقة لبيان الموضوع، ولا