الجهة الثانية في الواضع فالمحكي عن الأشاعرة: أنه هو الله تبارك وتعالى، بتوسيط الإلهام والأنبياء وأوليائه، ظنا أنه قضية امتناع الترجيح بلا مرجح، وامتناع إحاطة البشر بخصوصيات غير متناهية (1). وهذا هو مختار بعض فضلاء مقاربي عصرنا (2).
ولعمري، إنه مما لا ينبغي إطالة الكلام حوله، لكونه من اللغو المنهي عنه، بداهة أن الأشياء من قضها وقضيضها معلولة له تعالى، وأنه الواهب للصور، إلا أن ذلك ليس معناه كونه تعالى واضع اللغة، فيكون في الأعلام الشخصية والمخترعات العصرية كذلك، أو يكون منحصرا بأسماء الأجناس كما قيل.
فالذي هو الأمر الوجداني والبرهاني: أن الواضع في كل نوع من الأنواع هو الطبيعي، لا الفرد الخاص حتى يلزم امتناع الإحاطة.