نعم، ترتفع الغائلة - بعد تصديق امتناع الجمع -: بأن الاستعمال يكون بلحاظ واحد، سواء كان آليا، أو استقلاليا، إلا أن الغرض والداعي متعدد، ولا منع من ذلك بعد وجود القرينة على الدواعي الكثيرة، فكما يصح الاستعمال لإفادة حياته ونطقه وغرضه وبلاغته وفصاحته وأدبه وغير ذلك، يصح كله مع إفادة الوضع أيضا.
فعلى هذا، يصح تقسيم الوضع إلى التعييني والتعيني، ويرتفع الشبهة من الجهتين. إلا أن المقصود ليس تقسيم ذات شئ إلى شيئين، بل المقصود بيان أن تلك العلاقة والربط بين قوافل الألفاظ وسلاسل المعاني، كما تحصل بجعلها بالذات وتحصل بالجعل التبعي، كذلك تحصل بالقهر والغلبة.
وإن شئت قلت: هذا هو أيضا تعييني، إلا أن الواضع ليس شخصا معينا لاحظا ذلك، بل هو الأفراد الكثيرون الذين استعملوا اللفظ في معناه مع القرينة، حتى صار ظاهرا فيه بدونها، فحصلت تلك العلاقة بعد ذلك مستندة إليهم.
وأما الدور المتوهم (1) فيندفع فيما نحن فيه، ضرورة استناد الدلالة إلى اللفظ مع القرينة، وما أفيد يتم إذا كان مستندا إليه فقط.