ودعوى أن الألفاظ وضعت للمعاني بالجعل والتشريع نوعا، لا بالوجوه الاخر (1)، لو كان مسموعة لا تفيد فيما نحن فيه شيئا، كما لا يخفى. فما رامه العلمان، الأصفهاني، والوالد - مد ظله - (2) أيضا غير تام.
فبالجملة: توهم أن الدلالة اللفظية الوضعية متقومة بأحد الأمور المذكورة وجودا، أو هي إحداها مفهوما، فاسد قطعا، بل الدلالة اللفظية تعتبر من الدلالات الاخر العقلية، كدلالة المعاني على المعاني، بل الأضداد على الأضداد، إلا أن أنحاء الدلالة مختلفة، واللفظية منها بالجعل والمعاهدة والقرار والتباني وأمثالها.
ثم إن ظاهر " الكفاية " من تفسير " الوضع " - وهو بالمعنى اللغوي من مقولة الفعل - ب " الاختصاص " (3) وهو من مقولة الانفعال - على تسامح فيهما - ربما كان لأجل الإيماء إلى ما قررناه وحررناه، وإلا فهو من الواضح الذي لا ينبغي صدوره منه (رحمه الله).
فتحصل: أن ما يصح أن يتنازع فيه ليس مفهوم " الوضع " لغة، لعدم إمكان اختلاف المحققين فيه بعد صراحة أهل اللغة فيه، ولا هو تلك العلاقة والارتباط الموجود بين قافلة الألفاظ وسلسلة المعاني من حيث مفاد " كان " التامة، ولا الناقصة.
نعم، في أنه طبيعي، أو واقعي، أو اعتباري، خلاف، إلا أن الظاهر أنه ليس خلافا واضحا غير راجع إلى أمر واحد، لما عرفت: أن القول بالدلالة الذاتية والطبعية مما لا يمكن استناده إلى عاقل، فضلا عن ابن عباد. والعجب من إطالة الكلام حول رده، والإصرار عليه من طلاب الفضل وأرباب العقل، بإقامة البراهين