الناحية الرابعة في وحدة العلوم وسائر أحكامها لا شبهة في أنها وحدة اعتبارية، ضرورة أن المسائل المختلفة موجودة بالوجودات، وليست الوحدة الحقيقية إلا مساوقة للوجود الحقيقي، وحيث إن العلم ليس إلا عدة قضايا كثيرة، فتلك الوحدة اعتبارية بالضرورة.
إن قلت: قد يكون موضوع العلم، الواحد الحقيقي، كما في علم العرفان، بل وعلم الفلسفة، فلا منع من الوحدة الحقيقية في بعض العلوم.
قلت: موضوع العلم ليس نفس العلم، بل العلم عبارة عن المسائل الكثيرة، فتلك الوحدة الثابتة للعلم اعتبارية، إلا أن منشأ هذه الوحدة الاعتبارية قد يكون الواحد الحقيقي، وأخرى يكون الواحد بالسنخ، كسائر العلوم، فلا ينبغي الخلط بين وحدة الموضوع ووحدة العلم.
ثم إن العلوم مختلفة من هذه الجهة، فإن منها: ما يكون موضوعه الواقع المحفوظ إلى زماننا، كعلوم الفلسفة والعرفان والنحو والصرف، وإن يمكن انقلابه وتكثره فيما إذا تراكمت المسائل.